زايد جرو- الرشيدية / جديد انفو
بدرعة تافيلالت، تختلف عادات الاحتفال بعاشوراء بين المناطق التي يختلط فيها الأمازيغ بالعرب، وبين المناطق الخاصة بالأمازيغ، لكن يشترك الجميع تقريبا في وجبة الكسكس التي يجب أن يكون “الكرداس” سيدها في هذه المناسبة.
ففي الصباح الباكر من يوم عاشوراء كانت الأم تعِد “الكرداس” للأطفال الذين قضوا الليلة السابقة في اللعب، وناموا مبكرا قبل وجبة العشاء، وكل طفل يحمل معه ما يسمى ب” لَكْلوتا” أو “تَكْلُوت” وهي عبارة عن سلة صغيرة مصنوعة محليا من سعف جريد النخيل يتم حشوها ب' كرداسة' أوقطعة من القديد والكسكس وبيضة وبعض التمر والحلويات و'الحمص'، وكل ما هو مفرح ويلبس الطفل جلبابه أو عباءته و' بلغته ' ويخرج للقاء أصدقائه الذين يأتون بسلالهم ليجتمعوا بمدخل القصر أو بجوانبه، وكل واحد يتباهى ب ” كرداسته” او ب'قديدته " ويعطي كل واحد منها للآخر ما يسمى ب” دواقة ” ويقضون نصف اليوم أو اليوم كله حتى وقت متأخر منه في اللعب ليعودوا فرحين بهذا اليوم.
تقديم الكرداس والقديد للأطفال يحمل بعدا ثقافيا مفاده أن الأم تعد الابن للانخراط في العالم الخارجي حيث تعطيه زاده ليخرج للقاء أصدقائه بعيدا عن البيت، ليصنع من نفسه شخصية مجتمعية بعيدا عن توجيه الأسرة استعدادا للانخراط في المجتمع الكبير.
عندما يعود الابن، حسب الثقافة الشعبية بتافيلالت وحسب رواية الجدات، تزغرد الأم وباقي نساء البيت فرحا بعودة الذكر الخصب للبيت، وبعودة الطمأنينة والحماية للأسرة، ولكن إذا عاد مجروحا بسبب شجار مع أصدقائه، فذاك فأل نحس على الأسرة حيث يظل الحدث فيها عالقا بالأذهان مدة طويلة من الزمن وقد لا ينسى أبدا.
“الكرداس” امتد لسنوات وما زال لحد الآن، و الطقوس الاحتفالية “التي يمتزج فيها التاريخ بالأسطورة، والدين بالشعوذة، صارت تعبيرا عن الخصوصية المغربية بشكل عام وقد قلت هذه العادات حاليا للتحولات المجتمعية الحديثة، حيث تحولت طريقة اللعب وتحول تخزين اللحم وانتشرت وسائل التخزين بالبيوت بشكل كبير ولم يعد الجيل الحالي يعرف ما هي ' لگلوتة او ' تگلوت ' ويبدو من المستحيل ان يحملها الأطفال ليجوبوا بها الدروب حيث كادت تختفي ثقافة القصور واقعا وأصبحت ' لگلوتة 'مجرد ذكرى عند الجيل القديم .