زايد جرو -الرشيدية /جديد انفو
في العطلة الصيفية الماضية وأنا في قلب شارع محمد الخامس بالرباط أحتسي قهوة بالمكان كعادتي كلما حللت بالمدينة تشبيها لنفسي بامرئ القيس الملك الضال بباريس .. جلست بالمقهى فإذا بشخص يسألني بالقول 'واش هاد الكرسي خاوي ' قلت: نعم فجلس ...رددت بيني وبين نفسي وبحذر 'بدينا عاوتني 'حيث أفضل الجلوس لوحدي لأخلق عالما بالمخيال كل شيء فيه يتحرك ولا سكون ولا هدوء ...أشعل سيجارته و 'بخ علي ' قلت لا بأس ..هي عادة من يريد حاجة له عندك رغم أنك لا تقضي لأحد حاجة خارج دائرتك ..مد رجليه الطويلتين بغير أدب بحذاء أسود غير ملمع لا يليق بفضاء المكان..طلب قهوة سوداء طوبة وحدة.. . وبدأ يقلب نظراته هنا وهناك وكأنه يبحث عن شيء فقده ..ربما أحس وشعر بضيق بنظراتي الحادة خلف زجاج نظارتي نحو حذائه او قرأ في عيني أنني مجدوب آت من بلاد الشرفا بتافلالت العامرة ... بعد قليل سمعته ينادي أستاذ أستاذ فأثارني الفضول اعتقدته يناديني تشريفا أو ينادي أحدا من أمثالي الأساتذة التائهين لا التافهين.. اقترب منه الرجل ببذلة زرقاء وبصندوقه الخشبي الصغير وهو ماسح أحذية فخاطبه أستاذ سيري عافاك هاد الصباط .. قام الشخص بالمهمة أحسن قيام واصبح الحذاء ملمعا وزكمت الرائحة أنفي وكررت لا بأس هي عادة بعض الأقوام.. ولا عيب في عمل الرجل لأنه عمل وبعرق جبين .. انتهى 'السيرور ' وكرر السيد بجانبي عبارة شكرا أستاذي وانصرف الرجل الملمع للاحذية وبقي الشخص بجانبي حتى احتسيت قهوتي لمدة تزيد عن الساعة دون ان اعير الامر اهتماما في الظاهر .. استغربت كثيرا فقلت ربما أراد استفزازي بعبارة استاذ وعدت أدراجي ورددت بيني وبين نفسي ما عليهش هي نظرة مجتمعية رديئة للمهنة وإن بعض الظن إثم..
فعندما يريد المجتمع تبخيس فعل أو شخص أو مهنة يسخر ويعد لها كل ما يلزم ويليق من قوة ورباط الخيل وعتاد ..فذكرتني العبارة بلقب مهندس عند المصريين الكل مهندس من الشهيد إلى العقيد ونحن ايضا الكل أستاذ. وعلينا التعود والتعايش والألفة مع الوصف والوصيفة مع الوقت الله احفظ... السمسار استاذ والنجار استاذ والسكوريتي استاذ والجزار استاذ وبائع المقدونيس استاذ وبائع السجائر بالتقسيط استاذ ولكريسون أستاذ وحفار القبور أستاذ . سير على الله استاذي الجليل ما يبقاش فيك الحال .الله اداوي الحال.