أستهل هذا المقال بتوجيه تحية تقدير لجميع المواقع الإعلامية الالكترونية المسؤولة، التي ما فتئت توفر للمواطن البسيط فرصة المساهمة في مناقشة وإبداء الرأي حول مختلف قضايا المجتمع، وإيصال صوته إلى الجهات المعنية بدون سابق موعد أو طلب مقابلة الذي مآله عادة هو قعر سلة المهملات. لكن للآسف عوض أن يكرم هذا الجسم الإعلامي في محافل وطنية اعترافا بما يقدمه من تضحيات على نفقاتهم الذاتية دون دعم يذكر، نظرا لما تتطلبه مهنة المتاعب من معدات وسفر وتحرير ومونتاج الخ ...بغية تنوير الرأي المحلي والوطني حول مآل مطالب مجتمعية، وعلى سبيل المثال فبدونه كيف سيتعرف المجتمع المغربي على مول "جوج د ريال" والمميزات الخارقة التي يتوفر عليها بعض وزرائنا (ساعتين للنوم فقط).

التكريم المطلوب أصبح تحقيرا وإساءة، نتيجة تجرأ الإعلام الإلكتروني المستقل في إثارة "الروينة" – كما جاء على لسان المستشار البرلماني في يوم دراسي لمناقشة معاشاتهم- والغوص في ثنايا أحقية الاستفادة من" جوج دريال وجوج فرانك" بعد عمل مضني لمدة 22 ساعة يوميا طيلة 6 سنوات. في بداية هذا التكريم تم اتهام الإعلاميين بإثارة النقاش حول قضايا تافهة وهامشية وسطحية بالنسبة لهم ولكنها جوهرية بالنسبة للفئات المستضعفة، وتوج بعد أيام قليلة بجرح غائر في الجسم الإعلامي شكك في وطنيتهم "الوطنية الناقصة" وقزم مفهوم الوطنية بالتسجيل فقط في اللوائح الانتخابية، متناسيا أن البرلماني "ممثل الأمة" الذي سجلوه في اللوائح ثم ترشح عن سبق إصرار وترصد للعلاوات البرلمانية وللأجرة "السمينة " وللتهرب الضريبي ثم "فاز" بطرقه الخاصة بمقعد بإحدى الغرفتين، وبعد ذلك حطم الرقم القياسي في التغيب عن جلساتها بدون تفعيل لمسطرة الاقتطاعات من الأجرة في حقه، وإن حضر يستغل مقعده للقيلولة والنوم أو للعب بهاتفه النقال أو لتبادل التهم حول قرارات تزيد الفقير فقرا وفي تحمل مسؤولية تعنيف الأساتذة المتدربين، أو مغادرة قبة البرلمان بعد طرح الأسئلة الشكلية للمسرحية البرلمانية،... وعدد كثير منهم يحملون جنسيات بلدان أخرى (فرنسية وإسبانية)، عن مصالح أي بلد سيدافعون؟. هؤلاء في نظري لا وطنية لهم. ولا يحق لأحد منهم في التشكيك أو النيل من وطنية أي مواطن مغربي.

من البديهي أن النقاش المجتمعي حول معاشات البرلمانيين محك و امتحان للأحزاب في علاقتهم مع الشعب و الوطن و يعتبر بمثابة امتحان داخلي للأحزاب للتعرف على من تنطوي، هل على منضالين تهمهم المصلحة العليا للوطن، أم على انتهازيين راكضين وراء الاغتناء اللامشروط والتملص الضريبي عن طريق المناصب السياسية، أجل في ثنايا هذا النقاش المجتمعي الذي ابتدأ على المواقع الالكترونية سيظهر الوجه الحقيقي لكل المتحزبين والانتهازيين اتجاه الشعب والوطن و اتجاه أحزابهم وسيظهر من يغردون خارج السرب ولو بعد موقف رسمي لحزبهم، ومن يكرسون الريع ويسعون لتحقيق مصالح شخصية، إذ ذاك سيبقى القليلون بكل حزب يمكن تسميتهم مناضلين حقيقيين يسعون لتنمية الوطن، وهذا يدفعنا إلى طرح الأسئلة التالية: أين مبدأ التطوع لخدمة مصالح المواطنين استجابة لمطالب مجتمعية؟ ولماذا لا يتنازل البرلمانيون والوزراء عن 2 د ريال نظرا لقيمتها البئيسة في بورصتهم؟

أتمنى أن يصل هذا النقاش إلى وعي جل المستشارين والبرلمانيين والوزراء بضرورة إسقاط معاشاتهم، ليشعر الجميع بأن هنالك تضامن بين مختلف شرائح المجتمع في هذه الظرفية "المالية العصيبة" التي تمر منها البلاد موازاة مع قرارات نظرائهم بدول أوروبية، والاعتذار غير كاف والأهم هو سن وتحيين نصوص القوانين للقطع مع هذا الريع المعاشي في أسهم بورصة سوق العملات البرلمانية من جوج فرنك إلى جوج دريال، وللآسف هناك من اقترح توريث هاته المعاشات لإحفادهم.