ينص الميثاق الوطني للتربية و التكوين في النقطة 102 بالتحديد على ما يلي:" يتم خلال مدة أقصاها خمس سنوات، تعميم مراكز الاستشارة ذات التأطير اللازم، المزودة بالتجهيزات والمعطيات وخزانات الروائز وأدوات التقويم الأخرى المناسبة والموصولة بالشبكات المعلوماتية..." وذلك اعتبارا لكون مهمة التوجيه جزء لا يتجزا من سيرورة التربية و التكوين، هذا بعض من الكلام الجميل الذي التزم الميثاق بتنزيله في عشريته، وحاول المخطط الاستعجالي استدراكه وإعطاءه نفحة أوكسجين في مرحلة لاحقة لتدارك التأخر والزمان المستهلك بلا رهان لوضع نظام ناجع للإعلام والتوجيه ارتكازا على عقلنة حكيمة للموارد.

وعليه تم الانتقال من الصيغ السابقة لمراكز الاستشارة والتوجيه ومراكز إنتاج وثائق الإعلام ومراكز إرشاد الطالب التابعة لقطاع التعليم العالي إلى إسناد مهام المراكز السابقة لما بات يعرف بالمراكز الجهوية والإقليمية للإعلام و المساعدة على التوجيه،حيث ألزمت المذكرة الوزارية رقم 18 المرتكزة على مقتضيات المذكرة رقم 17 الصادرة بتاريخ 17 فبراير 2010 لتحديد الإطار التنظيم لمجال التوجيه التربوي، كل النيابات الإقليمية على إحداث مركز اقليمي للإعلام والمساعدة على التوجيه CPIAO، وبالفعل انخرطت كل النيابات التعليمية في هذه الحركية باستثناء نيابة واحدة هي نيابة وزارة التربية الوطنية بخنيفرة.

وفي ما سبق ما يدفعنا لطرح آلاف علامات الاستفهام: من يقف وراء حرمان تلامذة و طلبة إقليم خنيفرة من الإرشاد وتقديم الاستشارة و التوجيه والإرشاد المهني؟ هل هي إرادة سياسية لإرشادهم نحو الأفاق المسدودة؟ أم أنها مجرد اختلالات مسؤوليتها تقع على كاهل النائب الاقليمي للوزارة، و تترجم افتقاده الرؤية وعجزه البين في تولي مسؤولية اقليمية لقطاع استراتيجي ؟ و إذا كان الأمر كذلك فما هو دور وزارة التربية الوطنية ومفتشيتها في المراقبة و التقييم والتتبع والمساءلة، مرورا بمعايير انتقاء النواب؟ هل النيابة توهم وزارة التربية الوطنية بوجود هذا المركز؟...

أسئلة عديدة سنحاول ملامستها قدر المعطيات التي بحوزتنا. من المسلم به ان الحديث عن مركز اقليمي للاعلام و المساعدة على التوجيه بخنيفرة، لا يستقيم إلا بعد تدشين الجامعة الوطنية للتعليم – التوجه الديمقراطي- لمعركتها النقابية الهادفة إلى إيفاد لجان تحقيق مركزية للوقوف على حجم الخروقات و الاختلالات التي يعرفها تدبير الشأن التعليمي بنيابة خنيفرة، و إذا كانت نضالات الجامعة الوطنية للتعليم قد حركت المياه الآسنة في نيابة اقليم خنيفرة و دفعتها لإخراج "جنين" المركز الاقليمي للاعلام والمساعدة على التوجيه المقبر منذ سنوات، فإلى أي حد يمكن الحديث عن "جنين" أو "مسخ" سيلحد قريبا:

1. المقر المحتضن للمركز: من المواصفات الضرورية للمقرات المحتضنة للمراكز الجهوية والإقليمية للإعلام والمساعدة على التوجيه،ان يراعى في اختيارها مساحة كافية حددتها المذكرة 18 في 200 متر على الأقل كمساحة أرضية، و هي مساحة تستجيب لتنظيم  تجهيز فضاءات المركز المفترض فيها التوفر على مدخل مجهز للاستقبال وقاعة انتظار وفضاء للتوثيق ناهيك عن الفضاءات المخصصة لخلايا تجميع المعطيات والتصميم والإنتاج والدراسات و البحوث و قاعة الاجتماعات و المستودع...، في حين أن مركز خنيفرة هو غرفة بئيسة لا تتجاوز مساحتها 30 متر مربع لا تستجيب لأدنى شروط العمل من سلامة و تهوية، بل ستقتسم قريبا هذه المساحة الخانقة مع إعدادية بدر حتى تمكنها من تخزين الفائض عن حاجتها من سبورات ومقاعد و طاولات خشبية، أي تحويل نصف القاعة لمخزن للاعدادية المحتضنة للمركز الذي تشترط مذكرة احداثه أن يكون حاملا للوحة دالة عليه في مكان يسهل التعرف و الوصول اليه،معروف و قرب الأماكن الأكثر اعتيادا بالنسبة للفئات المستهدفة...

سيزيد قلقنا درجات والغموض عتبات، إذا علمنا بأنه قد بوشرت سابقا عمليات ترميم لإحدى البنايات في قلب المدينة لتحتضن المركز، عملية توقفت بعد ذلك في ظل شروط مستفزة للمزيد من الإستفهامات و الاستفسارات التي تناسلت حولها العديد من الإجابات و الإشاعات، صفقة الترميم، رممت الوضع المالي لمن استفاد منها، اما الحالمون بتبويء مصلحة التلميذ و الطالب مكانتها الحقيقية فلازالوا يلوكون أسئلة الحرقة على مدرسة ما آن لها أن تقلع بعد.

و إذا كان مصير الغلاف المالي المرصود للترميم قد تجاوز عشرات ملايين السنتيمات المبذرة دون نتيجة، ألا يحق لنا الاحتجاج طلبا لتوضيح تصر نيابة التعليم بخنيفرة على جعله مزعزعا للأمن و ماسا بالنظام العام، و عليه سنكتفي بالسؤال البريء: من يقف وراء هذا النهب المنظم للمال العام؟ أليس من حق كل المواطنين و المواطنات الحصول الميسر على معلومة متعلقة بمصير صفقة تبخرت في ظلام الشبهة تعزيزا للشفافية و محاربة الفساد و ترشيد الشأن العام و تحسين علاقة الادارة بالمغاربة؟

2. الموارد البشرية العاملة بالمركز: بالنسبة للموارد البشرية العاملة بالمراكز الاقليمية و الجهوية للاعلام و المساعدة على التوجيه فهو محدد حسب المذكرة المنظمة في خمسة عشر إطار على الاقل، توجه اهتماماتهم للادارة و التواصل و الاستقبال و الإعلام وإنتاج و تجميع المعلومة و...، أما ما يسمى بالمركز الاقليمي بخنيفرة فعجلته يدفعها ثلاثة أشخاص فقط بالإضافة إلى ملحق للإدارة والاقتصاد، ألحق مظليا بالمركز من طرف النائب الاقليمي دون أي معيار للانتقاء اللهم مزاج المسؤول الإقليمي الذي يدبر الشأن التعليمي كما تدبر الضيعات، الشيء الذي دفعنا لتسمية هذا "الملحق" في الحقيقة بملحق تدبير الريع و الفساد، وما يزيد الاختلال شروخا هو ان حضور هذا المكلف "بالراحة المؤدى عنها"، هو حضور رمزي لا يتجاوز الثلاث ساعات في الشهر في احسن الظروف، و حتى حضوره اليومي لن تكون له أي فائدة تذكر، و ماذا بإمكانه أن يقدم؟ ، ليبقى حبر البلاغة في المذكرة المنظمة الحالمة بالطاقات البشرية المؤهلة سبة في جبين من اتخذ تدبير الشأن التعليمي مطية لمباركة خميرة إفساد ما تبقى ناصعا يقاوم في منظومتنا.

وعليه سيكون من العبث الحلم باستدرار المطر من الصوان، وسنكتفي من جديد أمام إصرار النيابة الإقليمية على الصمت المريب بطرح أسئلة أخرى: ما هي المعايير التي حددت اختيار هذا الشخص بالذات للاختفاء في هيكل لا يشتغل ؟ من المستفيد من المجهودات الجبارة المستهدفة إقبار المركز الإقليمي؟ هل بإمكان وحدات و خلايا المركز البالغة 13 وحدة و خلية و شباك أن تشتغل بثلاثة أطر؟ أخبل من سيسأل عن الجودة و تقييم الأداء ...

3. تجهيزات المركز: لكل مركز ميزانية سنوية للتسيير و التجهيز ضمن ميزانية الأكاديمية الجهوية للتربية و التكوين، هذا ما يعرفه من ينطق النصوص فقط، اما من يستنطق الوقائع فيعرف علم اليقين أن الرائع في نصوصنا لا يفارق الورق، فلحد الساعة لازال المركز الاقليمي ينتظر جوابا بخصوص طلبية/توسله تزويده من طرف النيابة الاقليمية بخنيفرة بحزم من الورق لمباشرة بعض من أشغاله، لم توفر النيابة الاقليمية الورق فبالأحرى تزويد المركز بعتاده الخاص المكتبي والمطبعي والسمعي البصري والاعلاميائي،،، وللأمانة و حتى لا نبخس الناس مجهودها فعدة المركز وزعتها نيابتنا الموقرة على "القبائل" حتى يضيع "دم" مركزنا.

وقديما قال فقهاؤنا "المال السائب يعلم السرقة"، فعلى سبيل المثال: جهاز تلفاز LCD شاشتها 64P في ملك المركز و لكنها موجهة حاليا لإحدى الثانويات، آلة تصوير الكترونية و جهاز كومبيوتر محمول، موديم و شريحة "ويفي" و خط انترنيت و... مجهولة المصير، و تضحيات الأطر الثلاثة بالمركز مهما بلغت و امتدت لا يمكننا ان نعلق عليها المستحيل او نطلب منها الإتيان بالمعجزات، خصوصا و معاول الهدم تتوالى تباعا لتردم أي وفاء للمركز بتقديمه لواجبه في توجيه أبنائنا و المساهمة في سيرورتهم الدراسية و المهنية فيما بعد. و ختاما،في انتظار تناول اختلالات اخرى،نقول: كيف يمكن لنظام التربية و التكوين القيام بوظائفه الكاملة تجاه الافراد و المجتمع في ظل سيادة فكر الوزيعة و الريع المتبل بالمحسوبية؟ ألسنا بحاجة لإصلاح الإصلاح وإصلاح من يشرف على تنزيل الإصلاح؟؟؟

مولاي الكبير قاشى  : فاعل نقابي وحقوقي