مصطفى ملو *
من خلال الدورتين الأخيرتين لمهرجان الورود(أي الدورة 51 و الدورة 52), سجلت مجموعة من الملاحظات و التي سأرد عليها بمقترحات أضعها بين يد المنظمين آملا أن يأخذوها بعين الاعتبار.
* من أجل لا مركزية المهرجان:
نقصد بذلك أن أنشطة المهرجان المختلفة لا يجب أن تقتصر على مركز قلعة مكونة, بل يجب العمل على نقل بعضها إلى مناطق أخرى, باعتبار أنها معنية هي الأخرى بهذا الموسم السنوي, و علما أن جمال المنطقة الذي يجلب السياح من مختلف مناطق العالم, ليس في الواقع هو قلعة مكونة المركز, بل الروافد المحيطة بها كوادي مكون(وادي الورود) و دادس, حيث المناظر الخلابة و القصبات "الباسقة" التي يعرف عنها الأجانب ما لا يعرفه عنها الكثير من المغاربة.
و على هذا الأساس و سعيا للتعريف أكثر بهذه المناطق و خاصة في صفوف السياح المغاربة و حتى الأجانب و لكي لا تبقى قلعة مكونة مجرد محطة عبور, فإننا نقترح -مثلا- تنظيم السباق على الطريق في بلدة بوتغرار السياحية المتربعة على واد مكون على بعد حوالي 25 كيلومتر من مركز المدينة و التي تعتبر بحق عروس مكون أو في إحدى البلدات المنتشرة على وادي دادس, مما سيمكن من استكشاف هذه المناطق و التوغل فيها و التعريف بمؤهلاتها السياحية و كذا رفع التهميش عنها و المساهمة في تحريك اقتصادها من خلال الإيواء بفنادقها و رواج حركة النقل من و إليها.
* من أجل جائزة للصحافيين و المبدعين المحليين:
لا يمكن أن ينكر إلا جاحد أو مغمس أنفه في التراب جدوى المبادرة التي تقوم بها اللجنة المنظمة للمهرجان و المتمثلة في طبع مجموعة من الكتب و البحوث لكتاب محليين،وخاصة إذا علمنا أن أغلبهم معطلون أو طلبة مازالوا يتابعون دراساتهم الجامعية و علما كذلك أن تكاليف الطبع مرتفعة,مما يجعل حلم خروج مؤلفاتهم للوجود شبه مستحيل لولا هذه البادرة الطيبة.
إلا أننا نرى بأن هذه المبادرة يجب أن تكون مصحوبة بجوائز تحفيزية لتشجيع الإبداع المحلي و خاصة ما تعلق بكل ما هو تعريفي بالمنطقة,حتى لا يعتقد البعض أن المهرجان هو فقط مهرجان لتتويج "ملكة الجمال" في حين يهمل منظموه "صاحبة الجلالة" التي لولاها ما عرف شيء عن المنطقة و مهرجانها,و لولا بعض شبابها الذين يعملون جاهدين من أجل رفع الحيف الإعلامي عنها معتمدين على إمكانياتهم الذاتية و هو ما يجعلهم في رأينا أهلا بالتتويج و التشجيع.
* تفادي تزامن أنشطة مهمة في نفس الوقت:
لوحظ في الدورتين السابقتين تنظيم أنشطة مهمة هي مسك ختام المهرجان في نفس الوقت, مما سبب نوعا من الارتباك و الفوضى و خاصة بالنسبة للصحافيين سواء المحليين أو الوطنيين و حتى الأجانب الراغبين في تغطية أنشطة المهرجان المختلفة, ففي اليوم الختامي يتم تنظيم السهرة الختامية في نفس توقيت تتويج ملكات الجمال, مما يجعل إمكانية حضور النشاطين و تغطيتهما أمرا غير ممكن و خصوصا بالنسبة للمنابر الإعلامية التي تعتمد مراسلا واحدا و نظرا لبعد المسافة بين مكاني تنظيم النشاطين (فندق تزاخت و ساحة البلدية حوالي 5 كيلومتر أو أكثر).
لذا نقترح في الدورة المقبلة أن يتم تفادي هذا "المشكل", بتنظيم الأنشطة الرئيسية في أوقات مختلفة حتى يسمح بمتابعتها من لدن المهتمين.
*دعم الفنانين المحليين:
في إحدى الدورتين السابقتين سألت عضوا من اللجنة المنظمة عن سبب غياب المجموعات الغنائية المحلية عن سهرات المهرجان, فأجابني بجواب أثار استغرابي"لقد شارك بعضها في الدورة السابقة لذلك قررت اللجنة التنظيمية هذه السنة الاستغناء عنها" !!
ما العيب في مشاركة الفنانين المحليين في كل دورة كما هو جار في مجموعة من المهرجانات التي نرى فيها نفس الوجوه كل مرة؟ و إذا كان هدف المهرجان هو التنمية المحلية, أفليست مشاركة هؤلاء الفنانين و تحفيزهم جزءا من هذه التنمية؟ ثم إذا كان إقصاء هؤلاء يتم من طرف "أبناء جلدتهم", فماذا عسانا نقول عن إقصائهم في المهرجانات الأخرى التي توصف بالوطنية و العالمية؟ثم إذا كان المبرر هو مشاركتهم في الدورة السابقة, فلماذا لا يتم اختيار مجموعات أخرى لم يسبق لها المشاركة, و هكذا بشكل دوري بين المجموعات في باقي الدورات؟
هذا من حيث الشكل, أما من حيث المضمون, فإن التعويضات التي تخصص للمجموعات المحلية أقل بكثير من تلك المخصصة للمجموعات و الفنانين القادمين من مناطق أخرى, فهل 8000 درهم أو حتى 10000 درهم تعني شيئا لمجموعات يتكون أغلبها من أكثر من ثلاثة أفراد في الوقت الذي يجني فيه فنان "وطني" مشارك في نفس المهرجان أضعاف ذلك بكثير؟ فلم هذا الحيف و التمييز خصوصا و أن معظم الفنانين المحليين إما طلبة أو معطلون ينتظرون هذه المناسبة بشغف للتواصل مع جمهورهم و جني بعض الدريهمات لتغيير أوتار قيثاراتهم مادام تغييرها حلما بعيد المنال, في حين لا يغيب أولئك الفنانون "الوطنيون" عن المهرجانات الوطنية و الدولية و السهرات التلفزية؟
لكل هذا نقترح على المنظمين الانفتاح أكثر على فناني المنطقة و تشجيعهم و الرفع من تعويضات المشاركة المخصصة لهم, إن كانت التنمية المحلية فعلا هي هدف المهرجان.
* رئيس جمعية أصدقاء الجبل للعمل الاجتماعي و الثقافي و الرياضي و البيئي(إغيل نومكون)