تستحضر ذاكرة الجبال و الوديان و كل واحة الجنوب الشرقي و معها تمازعى و العالم في كل يوم 25 دجنبر من كل سنة ذكرى ملحمة خالدة صنعتها إمرأة تحمل إسم " خيرة "، الملحمة هي ذالك اليوم الذي ولدتني فيه أمي. نفس اليوم الذي أنجبت فيه مريم إبنها عيسى.

في مثل هذا اليوم وضعتني السكينة بين يدي هذا الوجود، بين أحضان بقعة أرضية مملوءة بالصراخ و النزاع و العراك واقتتال بين كائنات أخرى سبقتني إلى الوجود واستوطنت في هذه البسيطة إلى جانب الحيوانات التي تأثرت بفكرها وأدبيتها و ثقافتها، كالعنف والقوي يبتلع الضعيف..

في مثل هذا اليوم طرحتني أحشاء خيرة إلى عالم حالك، لا وجود فيه للنور بتاتا، ولا شيء يسطع في السماء سوى طلقات الرصاص، ولا شيء يلمع أمامك سوى الخناجر، لا فرق فيه بين الليل و النهار، صرت كالصم و البكم و العمي الذين لا يرجعون.

جئت إلى هذا العالم الغريب المليء بالصراخ و الضجيج والحروب و الخيانة و الغدر و القمع والظلم والكذب و النفاق ...

في مثل هذا اليوم رأت عينايا الظلام ...

لا اعرف متى حدث ذلك، ولم أفهم لماذا أنا هنا، لم أفهم معنى وجودي هنا، كما لم أفهم لماذا الصراخ و الحروب و الغدر و الذبح... بين تلك الكائنات التي تشبهني.

ودعت سنة بكاملها كما ودعت باقي السنين من عمري، أعوام مرت مرور البرق الخاطف ولم يبقي منها سوى ذكريات مبعثرة في خزانة ذاكرتي...

ودعت سنة وهي تموت بين أعيني، لفظت أنفاسها الأخيرة وجعلتني أقف من مكان الحاضر و ألتفت إلى الوراء، رأيت ماضيا مرعبا فلم استطع أن أتمعن فيه، و نظرت أمامي فرأيت مستقبلا غامضا لا ادري ما يخبئه لي فلم أقدر التمعن فيه كذالك،

ودعت سنة دون تشييع جنازة ولم تترك لا حزن ولا أسى لأنني ألفت ذالك، سنة فقدت فيها أناس أظن أنهم أصدقاء أوفياء واكتشفت أنهم خونة و أنانيين، بركماتيين، من بينهم أبناء جلدتي ولحمي وذمي وشحمي.

 الكل يحلم أن تكون مثله في كل شيء، أن تؤمن بما يؤمن و أن تفكر بما يفكر، و أن تحلم بما يحلم..عندما تعبر عن فكرك المخالف ل ''فكرهم'' يثار حنقهم و يزجون بك في خانة العدو أو الخائن.

 بكامل قواي العقلية و الجسمية و الفكرية أقول باعتزاز و تحدي أنني سأستمر في الثورة التي وقدت شرارتها منذ سنسن، منذ ولوجي لذالك المعهد العالي للنضال والديمقراطية و الحقوق الذي يحمل اسم '' الحركة الأمازيغية "، تخرج منه ملايين  من الديمقراطيين و الحقوقيين و الحداثيين و التقدميين و المناضلين وثوريين.. 

أعلتنها ثورة شبيهة بثورة الفيلسوف الألماني الذي رفض الأفلاطونية المسيحية الميتافيزيقيا وكل ما جاء به الفلاسفة حتى عهد  الفيلسوف هكل في القرن 18. نيتش دعا إلى تبني قيم جديدة بعيداً عن الكانتية والهيغيلية والفكر الديني والنهلستية، دعى إلى البحث في أصول الأفكار/ الجنيالوجية.أنا كذالك سأغير كل ما أستطيع تغييره، و سأعلنها حرب ضد من يسيء بشخصيتي و وجودي و بهويتي سواء كان العدو أشخاص أو إديولوجيات أو أديان.

سأستمر في ثورة تدعو للتفكير على نحو مختلف، يتسم بالمنطق والعقلانية و ضد أفكار قديمة أكل عليها الزمان وشرب و التى زرعها إعلام و تعليم و مساجد و باقي مؤسسات الدولة في عقولنا عندما كنا أطفال أبرياء.

منذ اليوم سأغير أشياء كثيرة في حياتي من بينها:

لم أتواضع أمام شخص لا يقدر قيمة التواضع

مبقيش نسول ف لي مكيسولش فيا

لي بغاني نبغيه لي مبغاني الى الجحيم

الصبر فقط لما يصدر من الطبيعة، الصبر على ظلم الانسان أوهُو

الأمازيغية هي أنا، هي وجودي و كياني، من يحاربها فهو عدوي

عناوين كتابتي وانتاجتي هي الإنسانية

سأستعمل أسلحة جد متطورة لردع عدو محتمل سواء كان فكر أو بشر.

سأحب من يحبني و لا أكره من لا يحبني

سأتحدى العقبات و سأصنع لنفسي سعادة مهما كانت حدة المشاكل