استحضارا لمختلف السياقات التي جاء فيها مشروع قانون المالية لسنة 2015 وانسجاما مع التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها البلاد واعتبارا للمقتضيات الدستورية المعززة لآليات الحكامة والشفافية في تدبير السياسات العمومية وبناء على الالتزامات الواردة في البرنامج الحكومي ليناير 2012،
فإننا نسجل بكل ارتياح الدينامية الكبيرة وغير المسبوقة التي تعرفها هذه القطاعات سواء من حيث إطلاق أوراش الإصلاح المؤسساتي والتشريعي أو من حيث إطلاق أوراش ميدانية كبيرة ومهيكلة.
دينامية نلامسها في الواقع من خلال متابعتنا للإنجازات و عبر لقاءات المكثفة للجنة البنيات الأساسية مع السادة الوزراء أو من خلاصات الزيارات الميدانية ، ولامسناها بشكل موضوعي واضح من خلال المؤشرات والأرقام التي توصلنا بها عبر الوثائق المقدمة والمعروضة على اللجنة.
1) مقدمة
بالنظر إلى كون المسألة البيئية موضوعا أفقيا فنعتبر مناقشة قضايا البيئة ضمن السياسات العمومية لبلادنا يتجاوز هذا التحديد القطاعي سواء من حيث المضامين أو الإجراءات أو من حيث الميزانية والاعتمادات..ونجد من الأجدر أن يكون مدخل المناقشة موضوعاتيا يسري لزوما على مختلف القطاعات.
فعلى مستوى الميزانية سنستمر في المطالبة بتحسين والرفع من الاعتمادات المخصصة للقطاع، كما سنستمر في المطالبة برفع الاعتمادات الموجهة لقضايا البيئة داخل مختلف القطاعات.
ونثمن بعض الإجراءات الهامة لقطاعات حكومية مختلفة وذات العلاقة بشكل مباشر أو غير مباشر بالحفاظ على البيئة ( قانون المقالع، ضابط البناء الجديد وإدماج إستعمال المواد التقليدية، تجديد حظيرة سيارات وحافلات النقل العمومي،..)
- 2) الجانب التشريعي
نشيد بعمل الحكومة واللجنة على حد السواء على إخراج مشروع القانون الإطار 99/12 بمثابة ميثاق وطني للبيئة والتنمية المستدامة، الذي يكتسي أهمية خاصة لأنه سيمثل مرجعية أساسية لكل السياسات العمومية ببلادنا، مرجعية كانت مفقودة فيما مضى حيث كانت تلك السياسات موسومة بالعشوائية والارتجالية، كما أنه سيؤسس لإستراتيجية وطنية في مجال البيئة والتنمية المستدامة.كما نثمن اخراج قانون الساحل الذي سيمثل عاملا اساسيا للقطع مع الاختلالات التي يعرفها الساحل واقرار شروط حسن تدبير مقدورات البلاد على مستوى هذه المنظومات.
وفي نفس الاطار المصادقة خلال يوليوز الماضي على المرسوم المتعلق بتدبير النفايات.
كما اننا ننتظر النص التعديلي الذي اعددتموه مشكورين والخاص بقانون دراسة التاثير البيئي...والذي الححنا السنة الماضية على ضرورة معالجته.
وبشكل عام ننتظر تنزيل الكثير من النصوص التطبيقية لمختلف هذه القوانين والتي ستمكن بالفعل من ادماج البعد البيئ في مختلف السياسات العمومية....كما جاءت بذلك مقتضيات القانون الاطار.
2) الجانب التقني والمؤسساتي.
كما نشيد بالمقاربة الجديدة التي أقررتموها بخصوص التحول من منطق المحافظة والصيانة للبيئة فقط إلى منطق حسن التدبير و التثمين ونشيد أيضا بإدماج إجراء الرسم البيئي ومفاهيم الإقتصاد الأخضر.
ونثمن كل الإجراءات المتمثلة في مواصلة البرامج السابقة وأيضا الإجراءات الجديدة ومنها بالخصوص:
* المرتبطة بعصرنة وتقوية الإدارة والمصالح الخارجية ودعم وتفعيل المراصد الجهوية.
* الخطوات المعتمدة لاعداد الاسترتيجية الوطنية للتنمية المستدامة وفق مقتضيات القانون الإطار....وخصوصا من ذلك وضع الإطار التعاقدي مع القطاعات الحكومية لإدماج البعد البيئي في مخططاتها وبرامجها في أفق إقرار مفهوم الدولة المثالية....ونثمن هنا فكرة تخصيص نسبة قارة من ميزانيات هذه القطاعات لتفعيل وإدماج مبادئ الاستدامة.
* التسريع من وثيرة برامج التأهيل البيئي ...تدبير النفايات ومحاربة النقط السوداء والخاصة بالتطهير السائل....خصوصا مايرتبط بالبرنامج الجديد الموجه للعالم القروي.
* تحسين اطار الشراكة مع المجتمع المدني وتنظيم ورشات جهوية بالخصوص في افق توسيع قاعدة الجمعيات المستفيدة من برامج القطاع إلا أنه رغم هذا المجهود يظهر لحد الآن غياب التصورالواضح في إقرار علاقة متوازنة ومثمرة مع المجتمع المدني.
* دعم البرامج التحسيسية والتربوية وإطلاق أخرى جديدة وندعوهما إلى ضرورة العودة إلى تنظيم جائزة الحسن الثاني للبيئة.
* إحداث الشرطة البيئية .
* برامج تشجيع البحث العلمي وهنا نشيد إلى أهمية مبادرات إطلاق عروض البحث العلمي.
* البرنامج النموذجي لتشجيع استعمال الأكياس البديلة....ونثير هنا مشكل عدم أداء مخصصات بعض الجمعيات خصوصا في جهة مكناس تافيلالت...
* تفعيل الكثير من مقتضيات التعاون الدولي بتوقيع اتفاقيات ثنائية جديدة وبرامج عمل والمشاركة الفعالة في المنتديات الدولية مع تتبع وتنفيد إتفاقية الأطراف...مما مكن من تحسين وضعية بلادنا في التعاون الدولي في مجالات البيئة والحصول على هبات هامة للحصول على الدعم لانجاز الكثير من البرامج، ولابد هنا من بذل المزيد من الجهد للإستفادة من المزايا التي تمكن منها هذه الإتفاقيات ( اتفاقية التنوع البيولوجي 1992 يمكن من الحصول على الخبرات العلمية الدولية في هذا المجال).
* في مجال التغيرات المناخية نثمن الاجراءات المتخذة وندعو الى المزيد بهذا الخصوص ونرتقب ان شاء الله انهاء المخططات الجهوية المبرمجة وتعميمها على باقي الجهات....وأيضا نثمن فكرة احداث مديرية خاصة بالتغيرات المناخية والتي نتمنى ان تساهم فيها باقي القطاعات في أفق إقرار سياسة وطنية متكاملة بخصوص هذه التغيرات وفق ما إلتزمت به البلاد من خلال المصادقة على إتفاقية الأطراف لسنة 1992 (المادة الرابعة من هذه الإتفاقية).
* نشيد بمواصلة اشغال إحداث المختبر الوطني للبيئة، والذي سيمثل اضافة نوعية وجد هامة بهذا الخصوص ونتمنى بالفعل أن يمثل مرجعا علميا وليس فقط في الأدوار التقليدية للمختبرات ولكن في إقرار ومتابعة نظم إدارة وتدبير البيئة على الصعيد الوطني مع التفكير في تغطيته في مختلف المجالات على صعيد البلاد.
* خاتمة :
يبقى التحدي الاكبر الملقى على عاتق الجميع هو مواصلة تنزيل مقتضيات القانون الاطار الخاص بالبيئة والتنمية المستدامة وتفعيل ادماج شروط الاستدامة والابعاد البيئية على مستوى مختلف القطاعات. والرفع من وثيرة مختلف البرامج والتدخلات وارساء سياسة وطنية واضحة في مجال التغيرات المناخية وتفعيل الاتفاقيات والمواثيق الدولية ... والتوجه بقطاع البيئي ان يكون قطاعا افقيا يعمل على وضع السياسات وتحفيز تفعيلها ومتابعتها وتنسيق التدخلات في المجال دون الغوص في تفاصيل التنزيل الميداني.
أخير لابد أن ننوه بأطر القطاع وباقي قطاعات الوزارة فرغم القلة وإنحصار الوسائل فالجهود المبذولة تفرض علينا جميعا أن نوجه لها تحية عالية.