من خلال دردشة مع أحد الساهرين على موقع إلكتروني في موضوع نشر مقال تحت عنوان " مليكة مزان تعرض خدماتها الجنسية على الجيش الكوردي بتاريخ 18غست 2014" تبين لي أننا في حاجة إلى تعميق الوعي برسالة الإعلامي الهادفة و التي يسعى من خلالها إلى المساهمة في مسيرة التغيير المنشودة، و وعدته بأنني سأساهم برأيي في هذا الموضوع . ووعد المؤمن دين عليه .
فالإعلام الحر( غير تابع لأي حزب سياسي أو جهة رسمية)، يعتبر أحد أبرز مقومات المجتمع الديمقراطي،و رسالته نبيلة ، ومن دونه لا يمكن أن تنمو أية تجربة ديمقراطية حقيقية وتتطور وتزدهر، فهو بمثابة صمام الأمان، يحرسها ويقومها ويفتح أمامها آفاقاً للنضج والتطور ..
والمواقع الالكترونية على الخصوص، ليس الغرض منها الشهرة ونشر الخبر واللهث وراء الإشهار والشهرة فقط ،ونشر ما يدعو إلى الرذيلة، و لا تعمل في فراغ ولا من فراغ، و إنما هو مشروع مجتمعي ولد في بيئة اجتماعية معينة، التجأ إليها أصحاب الضمائر الحية بعدما تعبوا من قرنصة أفكارهم وأرائهم من طرف إيديولوجية الأحزاب ومواقف أمنائها الدغمائيين، إذن فهو وليد بيئة اجتماعية معينة وتراكمات نضالية محكومة بمكونات ثقافية وإيديولوجية، لذلك فان حرية الإعلام لا تعني بالضرورة تجاوز شروط هذه البيئة الأخلاقية القيمية ومتطلباتها..
فلقد أثبتت التجارب الإنسانية و العالمية، وخاصة في البلدان الديمقراطية، أن الإعلام هو المقياس لمعرفة درجة الوعي و الحرية التي تتمتع بها تلك الديمقراطيات، فإذا أردت قياس ديمقراطية حكومات من الحكومات فقس درجة حرية صحافيها ووعهم ... والحرية لا تعني نشر الرذيلة ، فلإعلام الحر أهداف ومبادئ يرتكز عليها .
من بين الأسس والمرتكزات التي يهدف إليها الإعلام الحر والهادف :
- أن يكون إعلاما هادفا غير منحاز، يسعى إلى تحقيق رسالته الإعلامية النبيلة مساهما في توجيه المجتمع، بكونه سلطة رابعة تراقب وتنتقد وتتقصى الحقائق، ومن اجل أن ينصب على تنمية قيم الأصالة والحداثة، وإشاعة مفاهيم المواطنة والديمقراطية والتعددية والحرية والتعايش وحماية حقوق الإنسان، كحق الإنسان المواطن في التعبير والمشاركة والتنمية الإنسانية الشاملة واحترام الحقوق الثقافية والخصوصيات بكل أشكالها ومكوناتها، ومن أهدافه أيضا الاضطلاع بمهمات توعية شرائح المجتمع بالتطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية بما يسهم بشكل فعال في نشر الثقافة، من خلال التوجيه ألمعلوماتي الإخباري والتحليلي لمعطيات المعرفة. فهل تحققت هذه الأهداف ؟ أو نعمل على تحقيقها ؟
- انه مدرسة تسعى إلى تعزيز وترسيخ مفهوم المجتمع المدني ومؤسساته وسيادة القانون في وعي الناس، كما تسعى إلى تثقيف المواطنين بأهمية العملية الديمقراطية وأبعادها المختلفة وإيجاد وسائل التواصل بين المكونات المختلفة للمجتمع.
كما يقوم بلفت أنظار المسؤولين إلى المشاكل الاجتماعية والاقتصادية للشعوب وخلق ثقافة المساءلة في القضايا العامة بما ينمي حس المسؤولية والمواطنة والتوعية بضرورة المحافظة على الهوية الثقافية الوطنية من خلال العناية بالموروث الثقافي والحضاري والحفاظ عليه. وليس المساهمة في نشر ثقافة اليأس والتيئيس أو نشر ثقافة الرذيلة كما تروج بعض المواقع مؤخرا لثقافة البغاء بنشرها لخدمات جنسية لبعض بائعات الهوى ...
لهذا يجب الارتقاء بالمستوى الإعلامي والفني للإعلام الحر بما يحقق تطورا واضحا في ثقافة الإنسان وقيمه وطموحاته ...
ولتحقيق هذه الغايات لابد من الارتكاز على جملة من المبادئ التي يرتكز عليها الإعلام الحر والهادف، هذه المبادئ هي: المصداقية، الأمانة، الشفافية، الاختلاف، الحيادية، الاستقلالية.
• المصداقية : والمقصود بها نقل الأخبار والمعلومات على حقيقتها بدون زيادة أو نقصان، أو إضافات أو حذف أو تجاهل أو تشويه، ومحاولة الوصول إلى كامل الحقيقة، والاعتماد على مصادرها الأصلية، أو مصادر موثوق بها ومعروفة.
• الأمانة: وهي أن يعرف القارئ و الجمهور كل شيء عن حقيقة الموضوع دون إخفاء معلومات أو مواربة أو عدم الكشف عن كل الحقيقة، و نقل كل الآراء والمواقف المختلفة عن أي حدث أو قضية تهم المواطن والوطن. فكل شيء يعلن للجمهور.
• الشفافية: يجب نقل هموم المواطنين ومعاناتهم ومشاكلهم بصورة مباشرة إلى المسؤولين دون أن تترتب على ذلك أية عواقب، كما يجب في الوقت نفسه نقل آراء المسؤولين الرسميين ومواقفهم ونشاطاتهم وفعالياتهم إلى الشعب من خلال هذه المنابر، بما يعكس وجهة نظر تلك الجهات الرسمية في الأحداث الجارية، الأمر الذي يسهل على المواطن اتخاذ موقف معين او تبني رأي محدد ومن ثم تشكيل رأي عام تسترشد به السلطات الحكومية .
• الحيادية: يجب أن يسلك الإعلام الهادف الحيادية التامة في نقل الأحداث والمعلومات، بل يجب أن يفتش عن المعلومة بحيادية تامة، ويقدمها للمتلقي ليحكم ويقرر بنفسه على الأمور.. لكن لا تعني الحيادية عدم الكشف عن مواطن الخلل أو الضعف أو الفساد .
• الاستقلالية: الاستقلال عن توجيه أية جهة حكومية أو حزبية، انه الإعلام المرتبط بهموم الشعب، فهو يمتلك الاستقلالية التامة في نشاطه الثقافي والإعلامي .