لا يمكن للمرإ أن يفهم أشياء كثيرة في هذا البلد، ولا يمكنه أن يستسيغ أمرَ شرذمة من نساء الدار البيضاء والرباط المنتميات إلى أحزاب وإلى جمعيات معروفة بأيديولوجيتها وتطرفها، ومعروفة أيضا بإسترزاقها من مؤسسات دولية لخدمة أهداف لا علاقة لها بالمرأة، ولا بالطفل ولا بالأسرة. لكنها بإسم المرأة تستطيع أن تفعل الكثير من الأشياء كتغير القوانين، استصدار أحكام قضائية، وممارسة ضغوط كبيرة لتبني بنود وقرار دولية وتغيير أصول وهوية مدونة الأسرة حسب هواها، بل أصبحت قادرة على أن تُسمع صوتها وتمرر أفكارها الهدامة بسهولة كبيرة، وسرعة عجيبة داخل الأوساط الإجتماعية المغربية بحكم الدعم الغريب الذي تتلقاه من اللوبي الإعلامي الفاسد.
إن الحديث عن وضع المرأة في المغرب وعن الامواج الإقتصادية والإجتماعية التي تتقاذفها في حياتها الأسرية والمهنية ليست خافية على أحد لأنها تعتبر جزءا لا يتجزأ من حياة الأسرة المغربية بصفة عامة وبالتالي فالمرأة لا يمكن أن نفصلها عن زوجها وبيتها وأبنائها. لكن كل هذا لم يكن كافيا على من جعلوا -المرأة- شغلهم الشاغل وعنوان شأنهم السياسي البراغماتي بإعتبارها الموجة السياسية والحقوقية الجديدة التي يمكنها أن تُموقعَهم بالشكل الذي يطمحون إليه ويتصورونه داخل النسيج السياسي الإستغلالي بالمغرب.
ويبدو أن كلام رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران لم يكن فيه ما يحرك ذلك الغيض الدفين وتلك النظرة الإستغلالية والدونية التي لذى شردمة نساء الرباط والبيضاء نحو المرأة. فلا الرجل احتقر المرأة ولا هو اعتبرها دون قيمة الرجل بل وضع لمن كان يحظر تدخله حرية المقارنة بين عالمين كانت المرأة في الاول تعيشه وهي سيدة بيتها، تبنيه على نظرتها حيث كل من في مملكتها من أبناء وزوج وكل العائلة ينعم بقربها وبأفضل ما لديها ألا وهو قلبها الكبير ورعايتها الوجدانية الخاصة التي بها تستقر الأسر حيث تستوطن السكينة والمودة والرحمة أو ما يصطلح عليه بلغة العصر "التوازن العاطفي"، وعالم ثان لا تملك فيه المرأة أي شيئ لا أبناء ولا أسرة ولا زوج، لا مستقبل ولا أمل، حتى نفسها فقدتها داخل منظومة العمل الإستغلالي الإستبدادي الذي صوروه لها على أنه هو الحل لكل مشاكلها، هو من سيحقق لها حريتها بتمكنها من مراكز القرار عن طريق امتلاكها للمال، لتصبح الصورة المختزلة لدور المرأة في المجتمع وسيلة من وسائل الإنتاج البشري والصناعي لا غير. وليتهم اقتصروا على هذا الحد بل تحولوا إلى بناء عقلية تمردية في المرأة، تمرد على الأسرة نفسها، عن الهوية والأخلاق والمبادئ ومقدسات هذه الامة، وبناء عقلية عصية على التواصل الوجداني العاطفي الطبيعي الذي تعتبر المرأة فطريا مَعينه داخل الأسرة.
لاأحد من هذه الشرذمة النسوية المترجلة بالرباط والدار البيضاء تعرف معنى للأسرة أصلا لأن جل نساء هذه الشرذمة لا أسر لهن ولا يعرفن معنى للأبناء لأن جلهن يعشن وحيدات في الفنادق المصنفة وأبناؤهن يعشون الوحدة والإنفصام الأسري ولا يتواصلون معهم إلا عبر الهواتف المحمولة، ولا يعرفن ما تعيشه المرأة في جبال الأطلس، وما يصلح لها ولأبنائها ولزوجها، لا يعرفن ما تعيشه آلاف النساء، جيش نسوي هائل في عدد كبير من المعامل والشركات التي تمتص دمها دون أن يكون لها نفس الحقوق مع الرجل، ودون أن تكون في مأمن من التحرشات الجنسية والإعتداءات المتنوعة التي تهددها داخل مقر عملها.
في الحقيقة من الصعب تصديق ترهات من خرجن في الأيام القليلة الماضية يتحدثن أمام البرلمان عن حرية المرأة، ويرفعن شعار ضد رجل لم يقر قانونا ولم يصدر مرسوما وزاريا بل تحدث عن مرحلة يرى أنها مرحلة ذهبية في حياة الأسرة المغربية التي كانت تقودها المرأة بقوة الحب، وليس بقوة المال والسياسة.