في كل سنة وكلما قرر المغرب تحريك عقارب الساعة متقدما ب 60 دقيقة عن توقيت غرينيتش إلا وكثر الكلام عن مزايا ومساوئ إضافة ساعة إلى التوقيت العادي وغالبا ما يتم التركيز على تأثير ذلك على الجانب الاقتصادي واستهلاك الطاقة والعلاقة مع الشركاء الأوروبيين في الشمال أو الأشقاء العرب في الشرق (الرفع من تنافسية الاقتصاد الوطني. وتخفيض تكلفة الفاتورة الطاقية وتيسير المعاملات مع الشركاء الاقتصاديين الإقليميين.) وإذا كانت إضافة الساعة للتوقيت الرسمي قد عرف السنة الماضية بعض التذبذب في اتخاذ القرار إذ كان المجلس الحكومي قد صادق على أن إضافة الساعة سيكون في مطلع شهر أبريل ، ليتم التراجع عن القرار واعتماد متم شهر أبريل موعدا لهذا لتطبيق هذا القرار ، فإن المسألة هذه السنة كانت محسومة سفلا، مادامت الساعة أصبحت قانونية ستة أشهر في السنة .
ورغم تعدد المقالات والتحقيقات حول إضافة ساعة إلى توقيت المغرب فقلما صادفنا مقالا أو تحليلا لتأثير هذه الساعة على التلاميذ خاصة وأن إضافة الساعة دائما يتصادف مع مشارف نهاية الموسم الدراسي والاستعداد للامتحانات.
في حوار مع مجموعة من التلاميذ أعربوا كلهم أن زيادة ساعة لها تأثير سلبي على التلميذ ، ويتم التمييز في تأثير الساعة المضافة على التلاميذ بين تأثيرات ظرفية وتأثيرات دائمة : فمن التجليات الآنية على القطاع التلاميذي الرقم القياسي في حالات الغياب في الحصة الأولى (8-9) من اليوم الأول لتطبيق الزيادة فعدد من الأسر تحافظ على ساعاتها ومنبهاتها دون تغيير إما جهلا بالتغيير وإما لأغراض أخرى . هكذا سجل غياب وتأخر عدد من التلاميذ يوم الإثنين 31 مارس2014، ولم يقتصر الغياب على التلاميذ وحدهم إذ تم تسجيل تأخر وغياب عدد من الأطر التربوية، بل من التلاميذ من اعتبر هذا التغيير إعلانا عن بداية نهاية السنة الدراسية في المواد الثانوية ونخص بالذكر هنا تلامذة السنة الثانية ثانوي تأهيلي.
أما التأثيرات التي تستمر طيلة مدة التغيير فلها تجليات كثيرة منها :صعوبة الاستيقاظ النسبة لتلاميذ الابتدائي ، فإضافة ساعة يجعل الآباء يعانون كثيرا مع أبنائهم في الصباح ، فترى الأم توقظ ابنها من مكانه لتجده يواصل نومه في مكان آخر، وقد يتضاعف صياح الأمهات ومناداتهم لأبنائهم وهن المنشغلات بإعداد الفطور والاستعداد للخروج للعمل وتجهيز الأبناء للتوجه لمدارسهم وجمع الأفرشة وأواني الفطور مما يحول وجبة الفطور لما يشبه وجبة السحور عند كثير من التلاميذ الصغار يتناولون فطورهم بعيون شبه نائمة بل إن عدد منهم يتوجه للمدرسة دون تناول الوجبة الأولى في اليوم مادام ينام وفق التوقيت القديم ويستيقض وفق التوقيت الجديد ن إضافة إلى وجود عدد كبير من التلاميذ الذين يتأخر في الالتحاق بالمدرسة خاصة في الحصة الأولى صباحا .
كما أن إضافة الساعة له تأثير سلبي على مراجعة التلاميذ لدروسهم فقد اعتاد التلاميذ في الأيام العادية الخروج مع الساعة السادسة وفي حدود السابعة يكونون في منازلهم بعد استراحة صغيرة أمام التلفاز أو مع الأسرة يتناولون العشاء ويشرعون في إعداد واجباتهم ومراجعة دروسهم قبل أن يخلدوا للنوم وقد استغلوا حوالي ساعتين في المراجعة .. لكن بعد إضافة الساعة يجد التلميذ( خاصة تلاميذ الابتدائي ) نفسه في البيت والشمس لا زالت في كبد السماء ، فيكون مضطرا للخروج للعب فلا تلميذ يدخل إلى البيت قبل أذان المغرب ، كما أن معظم التلاميذ اعتادوا عدم إنجاز واجباتهم الدراسية بعد تناول وجبة العشاء وهي مع التوقيت الجديد قد تتأخر الوجبة إلى حدود العاشرة ( التاسعة القديمة ) وذلك هو موعد النوم بالنسبة للصغار إن هم أرادوا الاستيقاظ مبكرا لكن قلما يلتزم أحد بهذا التوقيت في أجواء ارتفاع درجات الحرارة وطول النهار ، وبذلك تكون الساعة الجديدة قد أضيفت للعب أكثر ما أضيفت للمراجعة .
ولم يقتصر تأثير الساعة المضافة على ما له بالدراسة فقط بل تجاوزه للعادات الغذائية ، فإذا كان معظم المغاربة قد دأبوا على تناول ثلاث وجبات رئيسة فإن إضافة ساعة فرض على عدد من الأسر إضافة وجبة رابعة ، فمن الصعب على الأطفال الصغار مقاومة الجوع من الساعة 11 صباحا ( أي منتصف النهار بالتوقيت الحالي ) إلى حوالي الساعة 11 ليلا أي العاشرة بالتوقيت القديم ) وهي بعيد صلاة العشاء ) لذلك فٌرض على الكثير من الأسر تحضير وجبات غذائية لأبنائهم بعد خرجهم من المدرسة.
ولعل أكبر تأثير سلبي لهذه الساعة على الصغار هو التأخر في النوم ، فمع المدرسة مع طول النهار واعتدال الجو ليلا يحلو للمغاربة السهر ، ولا يشعر العديد منهم إلا والساعة قد تجاوزت منتصف الليل ، ومن التلاميذ من يعود من الدراسة متعبا فيضطر للنوم قليلا .. مما يجعل النوم يهجر جفونه ليلا ، أما المدمنون على الحاسوب ومواقع التواصل الاجتماعي فقد طلقوا النوم المبكر بالثلاث ، وكل الدراسات والمختصون يؤكدون على العلاقة بين قلة النوم و ضعف التحصيل الدارسي وتدني مستوى التركيز في الدراسة .
كما أن تغيير التوقيت يخلق ارتباكا لمعظم المغاربة ، خاصة مع كثرة التغييرات : تغير في بداية أبريل ، العودة للتوقيت الأصلي في مطلع رمضان ، تغير مع نهاية رمضان وعودة للتوقيت مع متم شهر شتنبر ... هذا التعدد جعل عددا من المغاربة يفضلون الحفاظ على عقارب ساعاتهم في مكانها ،والكل يتذكر تصريح السيد عبد الإله بن كيران في البرلمان الذي أعلن فيه أن يحافظ على عقارب ساعته كما هي،وإذا كان رئيس الحكومة واضع القانون لا يطبقه فما بلك بباقي المغاربة ،
وقد يتحلى هذا التأثير السلبي أيضا على مستوى تعبيرات المغاربة وإجابتهم كلما سئل أحدهم عن التوقيت يضطر لذكر التوقيت القديم والجديد معا فيقول ( هذه الرابعةالجديدة أي الثالثة القديمة..).
الخلاصة هي أن إضافة ساعة إلى التوقيت المغربي إن كانت لها نتائج اقتصادية إيجابية فلها تأثيرات سلبية على النشىء ورجال الغد ونشاطهم الدراسي ، مما يحتم القيام بدراسات وأبحاث حول هذا التأثير والمقارنة بين الربح الاقتصادي وإرضاء الشركاء من جهة وبين ربح الشباب رجال المستقبل أو التفكير في التوقيت المستمر وإيجاد الظروف المناسبة .