كأي مواطن من سكان المنطقة، نسمع من جل الأطراف.. نحلل الأحداث لنقاش الوقائع، فنصدر الأحكام.. نبحث في عمق الأدلة، لننجز خبرا يحمل في طياته الخبر الصريح خارجا عن نطاق الإيديولوجيات والصراعات السياسوية المحضة، لأنها لا تهمني في شيء؛ ففي النهاية، تبقى الغيرة على هذه الرقعة التي تجمعنا من المغرب العميق هي النقطة الحاسمة التي نترافع لصالحها.

موضوع اليوم من سلسلة المواضيع التي تناقش وتفرز خباياها كلما استفضنا في نقاشها هو موضوع المركب الاجتماعي التربوي؛ فدون الحاجة إلى الدخول في موضوع تاريخ المركب، والحيثيات التي صاحبته، لا بأس أن أذكر بحكمة رد بها رجل حين حاول أحد السياسيين استدراجه فيما يخص الصراعات الحزبية بالمنطقة، فقال له بأن السيد فلان كان وراء حصول تنغير على عمالة الإقليم ، فأجابه: ولماذا لم يحضروا العاصمة في نهاية الأمر؟

بدأت القصة منذ أن نشر أول إعلان للعموم قصد التقدم لمباراة ولوج المركب الاجتماعي التربوي، فثم الاختيار على معايير منطقية يتراءى منها إنها بداية خطى جديدة نحو الديمقراطية بمعناها الجديد، فاجتاز المترشحون الامتحان الشفوي بعد ذلك، فنجح الناجحون، ووضعت لائحة الانتظار، والكل شبه راض على الوضعية...

انسحب أحد الأعضاء الذين تفوقوا في الامتحان بعد مدة وجيزة من الخدمة، فقال انه "انسحب ولم يستقل، لأنه لا يحبذ العمل في الظلام"، بمعنى آخر، أنه غير راض على الطريقة التي يسير بها المركب. فتم بعد ذلك الرجوع إلى اللائحة الاحتياطية، فسقط الاختيار على شكوكوط التي كانت محظوظة، لأن الذي سبقها في ترتيب اللائحة قد نجح في امتحان الالتحاق بالتعليم، لكن ما دام الأمر يتعلق بعائلة شكوكوط فلا بأس من استخدام المنطق.

بعد أن كتب انكشاف اللعبة السياسية، حدث تغيير جذري في المنطق المعمول به من قبل، حيث اضطرت فيدرالية الجمعيات التنموية  يوم 22 يناير من جديد إلى اختيار منشط من أجل تعويض النقص الحاصل في المركب، فقامت بالبحث عما يلائم توجهاتها في اللائحة دون إيلاء الهم للترتيب الذي يتوجب أن يسيروا عليه، فكان الحظ هذه المرة من نصيب "نزيه امزورو" الذي كان يقبع في أواخر اللائحة، وهو مطلوب مرغوب فيه، فكان لا بد من اختبار جديد، بعد إعلان جديد. لكن الاختيار تمَّ بقواعد جديدة.

ثم اختيار المنشط الجديد بإجماع ستة أفراد، منهم أربعة أعضاء من الفيدرالية في شخص رئيسها العدنان ومصطفى محداوي، وعبد الصمد شكوكوط، وابراهيم أيت الصغير، وبحضور ابراهيم الداني ممثلا عن البلدية، وسعيد الزهراوي ممثل الانابيك بتنغير. لكن السؤال الذي طرح نفسه، ما هي صلاحيات مسؤول الأنابيك في التعيين؟ ولماذا لم يحضر الرئيس البلدي أو أحد نوابه، أو لماذا غاب طابع البلدية إن كان الداني ممثلا لها؟

أول ملاحظة يمكن أن تظهر للعيان من خلال ما هو مبين في الصورة هو اكتساح الفيدرالية للتعيين، بالإضافة إلى شح فيما يخص حضور الطوابع.

بعد أن تمت عملية التعيين، صارت الوضعية تتغير، وبدأ ظهور عدم الرضا في صفوف السكان، قابلته لا مبالاة من إدارة المركب فترجمته في مضايقات لبعض الجمعيات، بل لبعض الأشخاص. وصلت هذه المضايقات أوجها حين أراد مجموعة من المهتمين بالإعلام المواطِن بالمنطقة تأسيس فرع الاتحاد المغربي للصحافة الالكترونية بإقليم تنغير، فكان أن اصطدموا يوم التأسيس - الذي كان صادف يوم الأحد 16 فبراير 2014- بمديرة المركب ترفض السماح لهم باستعمال المركب بذريعة ضرورة تقديم اللجنة التحضيرية لنسخ مصادق عليها من بطائق التعريف الوطنية، وهو ما لم يكن واردا في القانون الداخلي للمركب الاجتماعي التربوي.

الحدث الثاني جاء حين أرادت إحدى الجمعيات تنظيم نشاط بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، فوضعوا طلبهم بالمؤسسة يوم 22 من فبراير، وتمَّ قبوله، حسب شهادتهم، لكن فوجئوا بعد مرور أربعة أيام  بمديرة المركب تلغي حجزهم بمبررات واهية، وتطلب منهم اختيار يوم آخر لإقامة نشاطهم لأن المركب محجوز لليوم المنشود، رافضة إمدادهم بأي معلومة عن الجهة التي حجزت المركب.

يومان بعد رفض لقاء تلك الجمعية، أي يوم 28 فبراير، كان لنا لقاء مع الجمعية التي تُرك المركب شاغرا من أجلها، وتبين من خلال جدولتهم في ذات اليوم أنهم لم يحجزوا المركب، وإنما حجزوا المركز الثقافي بتوزاكت، لكن بعد خمسة أيام على لقائنا، تبين أنها مجرد كذبة أريد بها إبعاد تلك الجمعية.

لكن، بعيدا عن كل هذا وذاك، اختلط علينا دور إدارة المركب في شخص المديرة والعونين والمنشطتين، حيث ينص القانون الداخلي على أن: «الطاقم الإداري يشتغل تحت الإشراف المباشر لمكتب الفيدرالية، وتعتبر المديرة المشرفة على التدبير  الإداري اليومي  للمركب». لكن الأمر غير ذلك، فما يفهم مما يروج أن المديرة هي ذلك الوجه الذي تمرر الخطابات والتقارير عبره ما دامت لا تستطيع الحسم المباشر في الاستفادة من المركب كما أن الذليل على قصر يدها هو أن طلب الاستفادة يكون مكتوبا بينما يكون القبول أو الرفض شفويا.