كلما حل فصل الشتاء إلا و تعالت أصوات المتعاطفين مع أبناء المغرب العميق في ظل الأوضاع اللا إنسانية التي يعيشونها طيلة أيام السنة و تزداد سوءا في فصل الشتاء بفعل قسوة الطبيعة... قسوة تظهر  علاماتها على وجوه الأطفال الأبرياء الذين اغتصبت طفولتهم و ابتسامتهم بفعل إهمال الدولة و إقصائها لهم من كل سياسة تنموية موجهة للإنسان المغربي.

      جميل أن نرى فاعلين جمعويين متشبعين بقيم التضامن و المواطنة يناضلون بإمكانياتهم البسيطة من أجل مساعدة الآخر و خاصة ذلك الآخر المنسي و المنفي هناك في أعالي الجبال..لكن ما لا يتقبله العقل و المنطق هو من يتصيد معانات الآخرين ويسترزق بمشاكلهم و احتياجاتهم بهدف بناء وكسب بروفايل المواطن الصالح و صفة المؤسسات المواطنة و ذلك لأهداف لا تعدو أن تكون شخصية لا أقل و لا أكثر.

     ذنب أبناء المغرب العميق أنهم ترعرعوا وسط مجال مهمش...مهمش من طرف أجندة الدولة و سياساتها العمومية و التنموية..هؤلاء ساهموا تاريخيا في بناء هذا الوطن ليصنفوا داخل خانة المغرب المنسي..المنسي إجتماعيا ، إقتصاديا ، تاريخيا و ثقافيا..ساهموا ليكونوا مجرد كائنات إنتخابية محدودي الصلاحية..ساهموا في بناء هذا الوطن العزيز ليكونوا حاضريين كفرق فولكلورية في تدشين مشاريع بمليارات السنتيمات لصالح المغرب النافع كما يسمونه...ساهموا بأيديهم سواء عن وعي أو عن غير وعي في إستمرار أوجه الإقصاء الممنهج على الإنسان و المجال ( المغرب المنسي).

    إن قضية المغرب العميق لا تصلح معها الحلول المؤقتة التي تفضي في آخر المطاف إلى تنمية معطوبة غير مكتملة الأطراف. بل تحتاج إلى إرادة سياسية و مجتمعية تأخذ بعين الإعتبار كل الجوانب الحياتية لأبناء المغرب العميق من صحة و تعليم وبنيات تحتية و غيرها..إرادة تدعو إلى إعمال التخطيط الإستراتيجي القريب والبعيد المدى وذلك بفتح و إنزال أوراش تنموية كبرى و شاملة تضمن العيش الكريم لإنسان المغرب العميق بدل حصر الحركة التنموية بمدن المركز التي تزداد تطورا في مقابلها نجذ مناطق المغرب المنسي تزداد تهميشا ولا تفارق مكانها للأسباب يعرفها أصحاب القرار في هذا البلد العزيز.