استبشر الناس في الجنوب الشرقي خيرا لما أحدثت جهة درعة (درا) تافيلالت، بعد أن كانت أقاليمها الخمسة(الرشيدية، تنغير، وارزازات، زاكورة وميدلت) موزعة بين جهة مكناس تافيلالت وسوس ماسة درعة، وتشكل المنظومة الواحية القاسم المشترك بين هذه الأقاليم، وزاد تفاؤل السكان بنهضة مفقودة في جهة أنهكتها سنوات التهميش وقساوة الظروف المناخية وتوالي سنوات الجفاف والتصحر وندرة المياه...عندما تم تأسيس مؤسسة درعة تافيلالت للخبراء والباحثين، لتكون الدراع العلمية المواكبة لمجلس الجهة المنتخب ولتساهم في تقديم الخبرة المطلوبة والدراسات العلمية الكفيلة بوضع تصور ومخطط تنموي شامل للجهة.
 
لكن ومع ما شاب المؤثمر التأسيسي لهذه المؤسسة من استغلال سياسي وتسويق لحزب بعينه فقد مر كما أريد له أن يمر وتم تشكيل مكتب مسير من خيرة أبناء الجهة خبرة وكفاءة في مجالات اشتغالهم وعملهم ومنهم من راكم تجارب هامة يمكنها أن تسهم في تنمية الجهة ونهضتها،وكم كانت انتظارات أبناء وبنات الجهة كبيرة من هذه المؤسسة ومن بين هذه الانتظارات:
 
- إجراء دراسة علمية للمنظومة الواحية على اعتبار أن الجهة برمتها عبارة عن واحات والخروج بتصورات تنقد الواحة كمنظومة ايكولوجية هشة مرتبطة بالانسان الذي عمرها منذ مئات القرون....
 
- إطلاق تشخيصات ترابية تمكن من مسح وضعية الهشاشة بالجهة وضبط مؤشراتها، وإجراء دراسات وأبحاث لتحقيق العدالة المائية بين السفح والجبل، ففي الوقت الذي تعاني فيه مناطق من الفيضانات، تعاني مناطق أخرى من خصاص مهول في هذه المادة الحيوية.
 
- تثمين المنتوجات المحلية المرتبطة بالواحة عبر الاهتمام بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والعناية بالنخيل وإيجاد حلول لندرة المياه والاستفاذة من تجارب سكان الواحات في تدبير الندرة....
 
إلا أن خبراء هذه المؤسسة كان لهم رأي آخر حيث كشفت المؤسسة يوم السبت 28 ماي 2016 بوارزازات عن مشروع "واحة الأنوار" كأطول واحة اصطناعية في العالم تعتزم تقديمه في قمة المناخ"كوب22" في مراكش نوفمبر المقبل والعمل على تطبيقه على أرض الواقع، وتقدر الميزانية الاجمالية التقديرية للمشروع الذي تشتغل على إخراجه مؤسسة درعة تافيلالت في أول خطوة نوعية بعد التأسيس نحو12 مليار درهم، ومن بين الأهداف المسطرة للمشروع الضخم وضع قطار تنمية الجهة على سكة متينة تجعلها في طليعة الجهات التي تخلق الثروة وتوفر العيش الكريم للمواطنين(الذين يعيشون في واحات طبيعية) ويندرج المشروع حسب القائمين عليه في أطول شارع في العالم مضاء بالطاقة الشمسية مع إدماج بنيات تحتية سياحية.....
 
وفي قراءة لأهداف هذا المشروع النوعي والفريد ولكي لا نكون عدميين لابد من الإشادة والتنويه بالأدمغة التي سهرت على التفكير والتأسيس لهذا الحلم، لكن في نفس الوقت لابد كذلك من طرح تساؤلات حول مدى انسجام هذا المشروع مع أولويات وواقع الحال بجهتنا الفتية؟..وما مدى إمكانية تنزيله وكيف سيتم توفير وتدبير ما ستحتاجه هذه الواحة الاصطناعية من مياه؟ وهل سيكون ذلك على حساب الواحات الطبيعية التي تعاني أصلا من خصاص كبير في الماء..؟ ولماذا لم توجه هذه الخبرة إلى الاهتمام بالواحات القائمة منذ آلاف السنين؟ وهل يعلم هؤلاء الخبراء أن الولوج إلى الماء الشروب مازال يشكل تحديا في العديد من بوادي ومداشر الجهة؟ وهل يعلم هؤلاء الخبراء أن الواحات الطبيعية التي حبانا الله بها تنتظر منهم خبرتهم؟ وهي الواحات التي يجب أن تلقى اهتمامهم للمشاركة بها في مؤثمر"كوب22"وكوب23"....
 
"الرجوع لله يا خبراء مؤسسة درعة تافيلالت...رجاء خفضوا جرعة الخبرة...".