زايد جرو الرشيدية / جديد انفو
عيد الأضحى أو' العيد لكبير' بتافيلالت له طعم خاص فحين تحل الأعياد يحل معها الفرح وكل المهاجرين يستعدون للعودة نحو ' لبلاد ' أو تمازيرت ' حيث تصحو ساكنة المدن على فراغ الكثير من الشوارع لمدة تزيد عن الأسبوع ، والهجرة نحو الجنوب الشرقي عادة قديمة ومتأصلة حيث لا تحلو اللمة الا بحضور الغائبين من الأعمام والابناء لتجديد صلة الأرحام والترحم على لالة ختي وسيدي ومولاي الذين أصلوا هذه العادات المتوارثة .
العيد بتافيلالت مناسبة لتجديد الأواصر وهي قيم تمثل حجر زاوية بناء هذا الوطن الذي سافرت عاداته لدول أخرى حيث يعتبر النموذج في التعايش والتآزر ولا تسمع على الشفاه بالمناسبة غير ' الله إتاوي الخاوا ' وارحم خالتي الحاجة وارحم عمتي عيشة وخالتي خيرة وخالتي يطو وقديدير وعبيد والطاهر وعبد الرحمان ....هذه القيم هي مسؤولية وأمانة في أعناق المثقفين والمسؤولين والإعلاميين والفقهاء من أجل إنباتها من جديد لصد هجوم التفاهة المستوردة من دول أخرى ومن ثقافات جانبية هامشية خلقت التوتر بين الأسر في الآونة الآخرة حيث قل دور ' ناس الخير' الذين يتدخلون لفك النزاعات بالتراضي والحشمة دون اللجوء للمحاكم .
دمان العيد بتافيلالت له طعمه الخاص حيث يعيش بما تنتجه الواحة من ' فصة خضراء أو يابسة ' الكَرط ' او ' علف التمر' أو الشعير وهي منتوجات محلية خالية من أي مواد كيماوية مما يجعل طعمه ألذ وتتولى العناية به الأم أو بناتها أو عرائس الأبناء بإرشادات من الأم أو الجدة.
فطور الصباح كفطور عيد الفطر ويذهب الرجال للمصلى دون النساء وهي عادة على خلاف ساكنة المدن فلم أشهد منذ أدركت أنني موجود امرأة بقصر ' مزكيدة ' وهو من القصور التاريخية الإسماعيلية بالريصاني لم أشهد امرأة ذهبت للمصلى وأكاد أجزم أن هذه هي عادة الكثير من قصور تافيلالت جميعها حيث المصلى خاص بالرجال والشباب أما الأطفال الصغار فهم من أهل الدار لا يجب أن يختلطوا في المصلى مع الكبار حفاظا على وقار الشيوخ حسب الاعتقاد السائد.
بعد الانتهاء من الصلاة وذبح أضحية الفقيه الإمام تبدأ زيارة الأعمام والعمات والخالات وعجائز أهل البلدة والأرامل منهن، ثم العودة للبيت لذبح الأضحية حيث تستعد النساء لغسل أحشاء الأضحية وكل له دوره الخاص من الأبناء كجلب ماء التنظيف إلى الأخ الأكبر الذي يساعد الأب، والكل بجانب الأب الذي ' يسلخ ' ويعطي الأوامر واياك أن تقلل العفة أو تضحك بضحك خارج عن الصواب فسيكون الكلام جارحا وهو الذي لا يرضي لا الأم ولا الجمع عموما.
وبعد الذبح يبدأ ' تشويط الرأس' والاستعداد ل‘ بولفاف ‘ الذي يتصدر قائمة الأطباق التي يتم إعدادها بجميع البيوت المغربية وهو طبق مكون من الكبد الملفوف يتم طهيه فوق ' 'الجمر'إضافة إلى القلب والطحال الذي يقدم مرفوقا بالخبز والشاي.
وجبة الغذاء تكون غالبا من عنق الشاة على خلاف أهل المدن الذين غالبا ما يتركون ' كسدة الحولي ' سالمة حتى اليوم الموالي ،ومن عادات أهالي تافيلالت باستثناء الأمازيغ فلا بد من 'التفكرة' للبنت بتخصيص 'رجل الحولي ' أي قائمته الخلفية لها، يحملها الأب والأم في اليوم الثالث في الغالب على العموم واذا كان الرجل له أربع بنات فما فوق فتلك مشكلة واذا تأخر الأب عن هذا الدور أو امتنع فالبنت المتزوجة تحس ب ' الحَكرة ' وينغس الفعل العيد على الأم والبنت وينظر لها أهل الزوج بأنها ليست من الأصول ويتم احتقارها وأهلها حتى الأبد..
وتحرص العائلات الفيلالية على إحياء التقاليد الموروثة للاحتفال بعيد الأضحى وتعليمها للأجيال الصاعدة وتعويدهم على التشبث بها كجزء من هويتهم وثقافتهم وعلى الرغم من تشبث الفلاليين بمجموعة من التقاليد المغربية القديمة فإن بعضها طاله الإهمال والانقراض في ظل التحولات الكبيرة التي شهدها المجتمع المغربي.