حسن أبوعقيل

كل مطالب مغاربة الخارج قوبلت باللامبالاة, وحتى الفصول الدستورية قفزت عليها الحكومة المغربية بثقلها التنفيذي وبأحزابها التي تهاب انخراط الكفاءات المغربية بالخارج داخل البرلمان وباقي المؤسسات وقيادة الجهات فيحصل تهميش مغاربة الخارج رغم التعليمات الملكية وما حصل عليه من مكتسبات دستورية بعد نضال السنين .
 
فحسب قراءتنا للواقع أو المشهد السياسي والحزبي, أن المشرفين على ملف الجالية المغربية بالخارج قدموا تقريرا مغلوطا يهدف إلى التخلص من مغاربة الخارج ومن التدبير داخل الوطن, ووضع آخر مسمار في النعش وبعده صلاة الجنازة حتى يتسنى إقفال أي نقاش يهم تنزيل الفصول الدستورية .
 
ما تعتقده الحكومة والأحزاب المغربية أن الجالية تجهل ما يدار بخصوصها وما يحاك من مؤامرة ضدها, بل العكس هو الصحيح وأن مغاربة الخارج لهم رغبة أكيدة في إسقاط مشروع الهيمنة والتسيير والتدبير الأعرج الذي عطل المسار التنموي والحقوقي داخل البلاد بل ليست لهم الرغبة في اتخاذ قرارات مجحفة أو اتخاذ موقف يعود سلبا على خزينة الشعب بوقف كل التحويلات (...) بل الغيرة الوطنية كانت فوق أي اعتبار وتجاهلت الجالية سياسة الحكومة والأحزاب لعلها تعيد التفكير في مسار محكوم عليه بالشلل.
 
فالخطابات المتوالية في كل المناسبات واستخدام بعض المجموعات المنخرطة داخل بعض الأحزاب واستغلال مواقع التواصل الإجتماعي لنشر فيديوهات لمنخرطيها داخل دول الإستقبال والتهليل بالنشيد الوطني ورفع الراية المغربية وأغاني الوحدة الترابية لن يغني الأهداف السامية التي تحملها قناعة الكفاءات المغربية والمطالبة بالتغيير والتصحيح وإعادة بناء البنية التحتية الإقتصادية والإجتماعية وإيجاد الأرضية الصلبة لمشاركة مغاربة الخارج في التنمية .
 
المؤسف له قد طال الإنتظار, والجالية ليس لها حظ في المشاركة السياسية ولا في التمثيلية داخل المؤسسات لكون مهندس ملف مغاربة الخارج يريد أن يستفرد بالكائنات التي تدور في فلكه وليس لها دراية إلا في التنفيذ دون التفكير وبالمقابل فإن دول الإستقبال تستغل الكفاءات في مختبراتها العلمية وفي جامعاتها وتستمع لأفكارها وآرائها .
 
فلا الحكومة المغربية ولا الأحزاب المغربية, لها الرغبة في إدماج الكفاءات المغربية فمن يتهمهم بالدونية ومن يلوح لهم بالإسلام المتشدد ومن يرد ذلك لأسباب تقنية, علما أن الحركية الحزبية التي تشهدها دول الإستقبال لتأسيس تنسيقيات حزبية تبقى رهانا يشد المسطرة من وسطها .
 
فماذا قدمت الحكومة في شخص اللجنة الوزارية المكلفة بالجالية المغربية ؟ وماذا قدمته الوزارة الوصية وهي ترى بأم عينها مستثمرين يتم النصب عليهم والسطو على عقارات وممتلكات المهاجرين, وكيف يعقل لمن يطالب بحقه المشروع أن يصبح معتقلا تحت طائلة أي اتهام .
 
فبعد هذا التنكيل والإقصاء والتهميش تعود الحكومة من النافذة بأسلوب جديد بسياسة جديدة من أجل استعطاف جاليتنا عبر بوابة لجمع الأموال والتبرعات أي أن الهدف مالي وليس في عيون مغاربة الخارج بعدما رأت الحكومة في الجالية القلب النابض للإحسان وتقديم يد العون للمعوزين وللمرضى وتصدقهم عبر مواقع التبرعات ومن خلال الأعمال الخيرية التي همت المغرب عبر كل جهاته .
 
مشروع قانون 15.18 لم تستثنى منه الجالية بتقديم مساعداتها لكن تحت شعار"من أجل إنجاح التنمية " فهو مشروع كما قال عنه رئيس الحكومة " إن "هذا المشروع يندرج في إطار المجهودات لتعزيز الشمول المالي بالخصوص لدى فئة حاملي المشاريع الصغيرة، ودعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وكذا توجيه الادخار نحو فرص جديدة للتمويل". وقبل أن أختم هذه السطور , كان ولابد من الإشارة لمن يحضرون الإحتفال بيوم المهاجر ويستمعون للمسؤولين الذين يشيدون بالسياسات الحكومية في تدبير قضايا مغاربة الخارج ويعطونها الإهتمام والعناية فحين يلتزمون الصمت وعدم التعليق كمن أصابهم الشلل النصفي فإنهم يساهمون في التمويه وفي نشر المعلومة الزائفة والأخبار الكاذبة فالأمر لا يتعلق بالإحتفال وعلى ماذا تحتفلون .
 
خلاصة القول أن الحكومة لا ترى لمعاناة مغاربة الخارج أكثر ما ترى فيهم يد العون كورقة بنكية تخرجهم من الأزمات رغم الديون والإقتراضات الباهضة والقضايا تزداد استفحال دون تحقيق أي مشاريع تنموية .