يمتد انتهاك حقوق المواطن المغربي في تسمية أبنائه بأسماء أمازيغية بجذوره عميقا في مغرب التأحيد القسري، فمن منا لا يتذكر المذكرات المشؤومة لوزارة الداخلية في عهد الراحل إدريس البصري والتي حرمت غير ما مرة مواليد المغاربة من أسماء اختارها لهم ذووهم وأقرب الناس إليهم؟؟؟ كيف ننسى مواطنين تشبثوا بحق أبنائهم في حمل أسماء أمازيغية فتحملوا الجلسات الصورية داخل المحاكم، كما تحملوا بقاء أبنائهم دون أسماء رسميا لمدة وصلت إلى عدة سنوات في بعض الحالات؟؟؟ إنه المسلسل الرديء وسيء الذكر الذي ظننا خائبين أن زمنه قد ولّى مع ميلاد الألفية الثالثة، حيث لا تزال الأسماء الأمازيغية تُرفض إلى عهد قريب من هذه السنة داخل المغرب وفي قنصلياته في الخارج - 22 حالة خلال 2013 فقط - كل ذلك بعد أن خطت الدولة المغربية خطى عديدة نحو "التصالح" مع حقيقة وواقع الشعب المغربي تحت ضغوط جهات داخلية وأممية.
في الآونة الأخيرة، وبعد الدستور الجديد الذي خِلْناه قد زعزع بعض المفاهيم الأسطورية التي حوربت بها الأمازيغية لغة وثقافة، ورغم إصدار المذكرة رقم 3220 المؤرخة بـ 09 أبريل 2010، التي وجهها وزير الداخلية إلى الولاة والعمال بالعمالات والأقاليم في شأن بطلان المذكرات "البَصْرِيّة" وضرورة تسجيل الأسماء الأمازيغية دون قيد أو شرط لكونها من الأسماء المغربية الأصيلة، استماتت بعض جيوب المقاومة من ذوي العقليات الصدئة والتي تحن إلى زمن الاستبداد والاستلاب، فسعت جاهدة إلى عرقلة كل أشكال الانفتاح على الأمازيغية وحضارتها العريقة، وهو ما يتجلى بشكل واضح من خلال تصميم البعض من القنصليات في الخارج وبعض الموظفين من أنصاف المثقفين على رفض تسجيل بعض المواليد بأسماء أمازيغية لم يعرف لها غير المغرب وطنا.
قد يقول قائل إنه لا وجود لنص – قبل اليوم - يمنع تسجيل الاسم الأمازيغي وأن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد حالات متفرقة ومحدودة وقرارات فردية لموظفين "بسطاء"، إلا أن الأصل هو تحمل الإدارة للمسؤولية فيما نراه من سلوكات وقرارات جائرة تصدر من أطره، ولكون مثل هذه التصرفات غير المبررة تمس بمصداقية الخطاب الحقوقي المغربي في المحافل الأممية.
اليوم، وبعد نداءات كثيرة ومرافعات مقدامة، هاهي وزارة الداخلية في شخص اللجنة العليا للحالة المدنية تكسر جدار الصمت، وتصدر بلاغا رسميا ينهي هذا المشكل الذي عمر طويلا، عبر دعوة صريحة لضباط الحالة المدنية إلى التقيد بالمذكرة رقم 3220 المؤرخة بـ 09 أبريل 2010 في خطوة واضحة شافية حاسمة، يمكن أن تقطع الشك باليقين في شأن تسجيل المواليد بأسماء أمازيغية إذا تفاعل معها موظفو مكاتب الحالة المدنية بشكل ايجابي ومسؤول. بلاغ أعقب لقاء خاصا ترأسه المريني، وحضره بالإضافة إلى أعضاء اللجنة كل من إدريس اليزمي رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وأحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ومسؤولين في وزارتي الداخلية والعدل.
ويبقى من الضروري جدا خلق تواصل جدي وجاد بين الإدارة المركزية وأطرها عبر إقران إصدار البلاغ بحملات ولقاءات تواصلية مع ضباط الحالة المدنية عبر ربوع المملكة، بشكل يضمن "محو أمية" وتعنت بعض المسؤولين بمصالح الحالة المدنية والقنصليات المغربية خارج أرض الوطن.
إنه إنجاز كبير للحركة الأمازيغية ومكسب ذو أهمية قصوى في حفظ الذاكرة الحضارية والهوية الثقافية للمواطن المغربي، فهل يمكننا اليوم أن نزفّ إلى المواطن البسيط طيّ صفحة الانتهاك والنزوات المرضية لبعض الموظفين والحرب النفسية لهؤلاء على المواطنين وإصدارا لاختياراتهم وقناعاتهم في تسمية مواليدهم؟ هذا ما نتمناه وما ستكشفه الأيام القادمة.