زايد جرو ـ الرشيدية / جديد انفو
تعرف العديد من المدن المغربية طيلة شهر رمضان حملات تضامنية من نوع خاص فلا يتعلق الأمر بالافطارات الجماعية ،او مبادرات اخرى تتعلق بالتموين ،بل هي حملة راقية وعالية جدا ومن نوع خاص ،حيث بتطوع أفراد 'مسك عليهوم الله ' داخل أحياء شعبية بتسديد فواتير 'الكارني ' بدكاكين الحي ،التي تعجز الكثير من الأسر ذات الدخل الصفر او الدخل الشبيه، من تسديد بعض المشتريات الضرورية كالزيت والدقيق والبيض والحليب والشاي والسكر والصابون....
المبادرة حقا فاجأت الكثير من الأسر في المدن لا في الرشيدية حسب ما أعلم، حيث لم تتطرق أي صفحة فايسبوكية متابعة للشأن المحلي لهذا الأمر ،مما يبسط تساؤلات كبيرة على الذين 'مسك عليهوم الله ' وهم كثر جدا، لكن الله لم يكتب لهم هذه الحسنات في هذا الشهر المبارك، ومن فعل ذلك سرا الله اجازيه بيخير.
وحسب ما ورد على لسان امرأة من القنيطرة مغلوب على حالها انتشر خبر وقع هذا السلوك على حياتها اليومية في رمضان ولو ان المبلغ لا يتعدى 800 درهم حيث قالت لأحد المواقع الالكترونية 'لم أتمالك نفسي.. بكيت من شدة الفرح عندما أخبرني البقال أن ديني قد تم سداده بالكامل"، هكذا تروي خديجة (56 عاما)، الأرملة التي تعيل ثلاثة أطفال وتعيش بأحد الأحياء الشعبية بمدينة القنيطرة، قصتها مع حملة "تحدي الكارني".
المبادرة التضامنية التي تطوع فيها أشخاص هم أصدقاء لم يبحثوا عن ميكروفونات إعلامية بل قاموا بالفعل 'حسي مسي ' ويرسلون أشخاص مجهولين للمستفيدين وهم يراقبون عن بعد ردة فعل ذلك المستفيد او المستفيدة دون أن يدري البقال نفسه تجنبا للإحراج والتأكد من أن البقال قام بما يجب حتى لا تأمره نفسه الأمارة بالسوء بالتحايل على المتطوع والمستفيد تحت الجشع الذي نما وعشش بشكل كبير لدى تجار الازمات .
كارني مول الحانوت اصبح عاديا عند الجميع تقريبا لكن الفرق أن هناك من ينتظر 'الصالير ' أواخر الشهر ويسدد العجز وهناك من لا ينتظر غير رحمة الله من اللواتي فقدن ازواجهن وتحملن مسؤولية إعالة الأطفال وتشتغلن في تنظيف البيوت وقد أثقل الإملاق ممشاهن وهن عزيزات النفس تعشن بعرق الجبين وتعب الساعد ولا تمددن اليد للغير ومثيلهن كثير من الرجال .
لا يتصور أحد حجم الفرح والتحول النفسي والطاقة الإيجابية التي تشعر به تلك المرأة حين يناديها البقال فتعتقد بأن الأمر يتعلق بالتسديد فتتفاجأ بأن الدين تم تسديد من محسن، حيث وصفت خديجة من القنيطرة في حديثها لأحد المواقع حالتها عندما طُلِب منها التوجه للبقال، قائلة: "شعرت بالخوف والتوتر، ظننت أنه سيطالبني بالسداد، وأنا لا أملك درهما واحدا. كنت أفكر طوال الطريق فيما سأقوله له، لكن المفاجأة كانت أكبر مما تخيلت. أخبرني أن شخصا مجهولا سدد عني الدين، دون أن يكشف عن هويته".
هي مبادرة إنسانية قوية لا تحتاج لا ترخيصا من السلطات ولا عون سلطة ولا احصاء ولا خيمات التشهير بل تتطلب العزيمة ونية الصدقة السرية التي لا تعلم اليد اليسرى ما منحته اليد اليمنى، وحجم الفرح كبير عند المستفيدين والمستفيدات تجعلهم وغيرهم يقتنعون بأنه مازال في الحياة اناس طيبون رغم' شلاهبية' الذين يغيرون الفواتير والتواريخ والاشخاص من أجل السطو على الممتلكات.
الأمل كبير أن تظهر بالرشيدية او المدن الأشد فقراء بدرعة تافيلالت مثل هذه المبادرات التي تتم 'حسي مسي' ويكون وقعها مباشرا وقويافي هذه الايام المباركة وتقبل الله من الجميع.