جديد انفو - متابعة

أجرت جريدة الصباح المغربية في الأيام القليلة الأخيرة حوارا موسعا مع المهندس ' أحمد بخري ' الخبير في هندسة الماء والمنحدر من قصر مزكيدة بالريصاني بالرشيدية حول الإجهاد المائي والفرشة المائية وإشكالية تدبير الموارد المائية والتغيرات المناخية  والجفاف ..والحلول المقترحة مستقبلا لاحتواء الأزمة.

الحوار أجراه ' برحو بوزياني ' لجريدة الصباح وهذا مضمون اللقاء.

 

 س1 . بات الإجهاد المائي يطرح تحديات كبرى لمواجهة العطش. هل تكفي التدابير البديلة لحل الأزمة؟

ج .إن إشكالية تدبير الموارد المائية تطرح نفسها بإلحاح، خاصة أن المغرب يمر من مرحلة جفاف صعبة، وهي الأكثر حدة، منذ أكثر من ثلاثة عقود. فمسألة الماء أصبحت قضية وجودية ومجتمعية بامتياز، فهي ترتبط بالتنمية خاصة أن جميع الخطط الاستثمارية والتدبيرية تأخذ الماء بعين الاعتبار؛ فمعظم القطاعات وكل الأنشطة تستخدم المياه، وبالخصوص القطاع الأول بالمغرب (القطاع الفلاحي) والذي يسهم بـ 14% من الناتج المحلي الإجمالي ويشغل 40% من السسكان النشيطين، فالجفاف يتسبب في البطالة وارتفاع تكاليف المعيشة، وتراجع الاستثمار الأجنبي والمحلي وتدهور الاقتصاد، بالإضافة إلى دور الماء في الحياة البيولوجية والتنوع الطبيعي والصحة العامة.

ونظرا للوضع الحرج لحقينات السدود بالمملكة، فقد عمل جلالة الملك محمد السادس على توجيه الحكومة للقيام بالمتعين في هذا المجال الحيوي، خاصة إنجاز مجموعة من المشاريع المهيكلة والتي تستدعي تسريع وتيرة تشييدها لاحتواء الأزمة وتفادي الخصاص المرتقب في السنوات المقبلة وكذا إتخاذ تدابير بديلة لحل الأزمة الراهنة.

 

س 2. يشكل خيار تحلية مياه البحر البديل الوحيد اليوم رغم كلفته. ما هي التدابير المواكبة التي يجب اتخاذها للحد من هدر الماء؟.

ج. هناك قناعة حاصلة بأن الإمكانية الوحيدة لمواجهة نقص المياه هو التركيز على التحلية، وخير دليل على ذلك توجه المغرب لإنجاز عدة مشاريع و محطات عديدة لتحلية المياه عبر عدة مدن مغربية (الداخلة، أكَادير ، أسفي، الدار البيضاء....)، بالإضافة الى تخصيص البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي محورا خاصا لتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالمجال القروي، من خلال تسريع وتيرة إنجاز البرامج المسطرة من قبل مختلف المتدخلين، بالإضافة إلى اعتماد برنامج تكميلي بالنسبة للمناطق التي لا يشملها أي من البرامج السالفة الذكر، وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة في سقي المناطق الخضراء مثلا.

 لقد أضحت مشكلة الجفاف ظاهرة كونية، تزداد حدة، بسبب التغيرات المناخية، فالحالة الراهنة للموارد المائية في ظل ضعف التساقطات المطرية، تقتضي منا جميعا تفعيل نجاعة مائية حقيقية، وتغيير سلوكنا تجاه الماء والقطع مع كل أشكال التبذير والاستغلال العشوائي وغير المسؤول لهذه المادة الثمينة.

 وكإجراءات مرحلية من شأنها المساهمة في الاقتصاد في الماء، يمكن العمل على تجميع مياه الأمطار بالمدن، فعوض تصريفها بالمجاري نحو المحيط يتم تحويلها لمخازن أو “مطفيات” أو إنشاء قنوات لتغير مسارها نحو السدود القريبة وحث المواطنين على جمعها بمنازلهم واستعمالها في الشؤون المنزلية اليومية.

 

س3. يشكل القطاع الفلاحي المستهلك الأول للمياه. كيف تتصور مستقبل النشاط الفلاحي في ظل النقص في التساقطات وتراجع المياه الجوفية؟

ج . إن واجب المسؤولية يتطلب، اعتماد اختيارات مستدامة ومتكاملة، والتحلي بروح التضامن والفعالية، في إطار المخطط الوطني الجديد للماء، كما يجب العمل على التدبير الأمثل للطلب، خصوصا في الجال الفلاحي. ومن التوجهات الرئيسية التي يجب التركيز عليها؛ ضرورة إطلاق برامج ومبادرات أكثر طموحا، واستثمار الابتكارات والتكنولوجيات الحديثة في المجال الفلاحي والري، والقيام بدورات تكوينية للفلاحين لاطلاعهم على الأساليب الحديثة للسقي والزراعات البديلة التي تعتمد على حاجبات أقل من المياه والتي تلائم المناطق الجافة والشبه جافة مع إعادة النظر في السياسة التصديرية لبلادنا خاصة المواد الفلاحية التي تعتمد على وفرة المياه، واعتماد تقنيات أكثر حداثة في الزراعة.