زايد جرو -الرشيدية /جديد انفو
عندما كنت صغيرا وجميلا تعلمت من فقيه بلدتنا كيف أفرك العمش، وكيف أفك شفرة العربية من اليمين لليسار ،وتعلمت منه كيف أحترم الكبار ،وكيف أسلم وكيف آكل، وكيف أجلس، وكيف أتوضأ، وكيف أصلي وكيف وكيف.. سلمني الفقيه للمعلم، وتعلمت منه ما لم أتعلمه من الفقيه... علمني لغة أفك شفرتها من اليسار نحو اليمين، ومن ثمة أدركت أن لغة اليمين ليست هي لغة اليسار ،وهما معا أس التعلم في بلدي ،وبدأت أنمو وأكبر رغما عني، فأدركت أن اللغتين فرختا في تفكيري توجهين حزبيين مختلفين اليمين واليسار ،ونبشت ما بذاكرتي من مقروء قديم ، فعثرت على مراتب اصحاب الميمنة وأصحاب الميسرة.. فتهت بينهما،وجلست في الوسط أميل حيث الظل يميل ...
وقدر الله ودخلت البرلمان، وهيأت الأسئلة الكتابية والشفوية، والآنية بدقة وعناية وشكلتها حتى لا أنصب الفاعل وأرفع المفعول حسب النحاة القدماء بناء على التركيب لا على الدلالة ، وصنفتها من اليمين لليسار ،ومن اليسار لليمين. فبسطت أسئلتي على الرئاسة المحترمة والموقرة ،وعلى مسمع البرلمانيين والبرلمانيات المحترمين والمحترمات داخل القبة المحترمة وذلك بعناية فائقة وبلغة بيانية فصيحة من نثر ابي حيان التوحيدي والجاحظ ، فإذا بالجميع يضحك ضحكا غريبا ، والكل 'يكركر ' حسب حجم فمه. فاستغربت من الجمع فقلت بلغة بلدتي ‘ مايديجران.‘ اي ما ذا وقع وما الذي يقع ، فاذا بواحد من اليمين وواحد من اليسار يهمسان في اذني. ‘شفناك تتهدر معقول راحنا غي قصارين ‘ فأدركت أنه لا خطاب اليمين بنافع ولا خطاب اليسار بأجدر منه نفعا فطويت أوراقي وتأبطتها ، وعدت أدراجي لقريتي أبحث عن الفقيه الذي علمني لغة اليمين وعن المعلم الذي علمني لغة اليسار، فبسطت السؤال عليهما عن جدوى تعلم اللغتين فأجابا. ‘ راحنا غي قصارين حتى حنا‘ وأضافا عليك تعلم اللغة الثالثة والرابعة التي لا يفهمها لا الفقيه ،ولا المعلم.. ودخت وأنا مازال,' دايخ 'لحد الساعة من سيعلمني هاتين اللغتين, وقد بلغت من الكبر عتيا .. والمهم أن القضية لا تنفع فيها إلا كاشة الزبير ،زيدو كاشة .