نجدد التزامنا بتقديم حق العزاء والمواساة لأسرة الشهيد عمر خالق ببلدة اكنيون المجاهدة، والتي أرخت لانتصارات قبائل دحرت والحقت الهزيمة بجيوش بورنازيل إبان معركة بوكافر التي جرت أطوارها في أعالي قمم جبال صاغرو الشامخة، أمام هاته الأمجاد والانجازات التي رسمها أسد أيت عطا بدمائهم كان جزاء أحفادهم حاليا هو التهميش والإقصاء من الاستفادة من ظروف العيش الكريم عبر توفير مؤسسات استشفائية وتعليمية و ... الخ، ومن أبسطها تعميم منحة التعليم بمختلف المستويات التعليمية والجامعية فما بالك من امتيازات تمنح حاليا لأبناء "المقاومين" ولمن اغتالوا الأسد.
فلنا الشرف اليوم أن نذكر الجميع بالمسار النضالي الشريف الذي سطره بعض مناضلي القضية الأمازيغية بربوع أسامر، والذي تأسس على أهمية اعتماد المدخل المدني الملتزم سواء الجمعوي أو السياسي من أجل الترافع بشأنها وإيجاد حلول لها وأجرأة قوانين ترسيمها طبقا للفصل الخامس من الدستور وديباجته، والذي سار عـلى نهجه معتقلي الدفاع عن فك العزلة والتهميش عن مجموعة من الدواوير بجنوب جماعة مصيسي، وهم أحمد بن يدير وعلي بن يدير وحموني حسن، المدانين بتسع سنوات سجنا نافذة منذ 17ماي 2015 بالمحكمة الابتدائية بورزازات، لا لشيء لأنهم طالبوا بشكل سلمي ببناء الطريق الإقليمية رقم 7110، الرابطة بين جماعة مصيسي بإقليم تنغير وجماعة سيدي علي بإقليم الرشيدية المتاخمة على الحدود المغربية - الجزائرية.
وما يحز في النفس، في خضم المسيرات التضامنية التي يعرفها أسامر، سيلاحظ متتبع شعاراتها للأسف أن حظوظ وجزاء معتقلي فزو هي النسيان والرمي بهم في مزبلة التاريخ، باستثناء طالب جامعي استفاد من التخفيف من مدة العقوبة بفضل عفو ملكي سامي، أما الثلاثة الأخرون القابعين بسجن الرشيدية لا أحد يذكرهم ولو بالاسم أو برفع صورهم للتعريف بهم وبملفهم النضالي أو يلملم جروحهم ويفكر في إطلاق سراحهم ويدفع طلب ملف عفوهم إلى الجهات المعنية، حقيقة هم غرباء وسط أبناء جلدتهم وهويتهم سواء ببلدتهم الأصلية أو بالدواوير المجاورة، على الرغم من كون الطريق التي ناضلوا واعتقلوا من أجلها هي الآن في طور البناء، وينعمون بسلكها بدرجاتهم وسياراتهم. و لكي لا نعمم، نثمن بعض المبادرات الإٌنسانية بفزو التي كان من ورائها بعض الشباب الغيورين على الوضع وهم قلة ويحسبون على رؤوس الأصابيع، والتي لقيت استحسانا من طرف السجناء وعائلاتهم، كان هدفها هو الدعوة إلى تنظيم زيارات مكثفة للمعتقلين ومساندتهم معنويا وماديا لسد رمقهم بالسجن المحلي بالرشيدية.
في إطار النزاهة النضالية والمعاناة المشتركة للأمازيغ عموما وإنسان الجنوب الشرقي على وجه الخصوص وبالضبط دواوير فزو والمناطق المجاورة لها والتي لازالت تعاني في صمت من إشكالات كثيرة في مختلف المجالات (الصحة، والتعليم، وعدم الاستفادة من برنامج تيسير، ...الخ)، فمن الطبيعي أخلاقيا وإنسانيا أنه إذا فتح نقاش في مختلف مواقع التضامن حول معتقلي القضية الأمازيغية ألا ننسى هؤلاء المناضلين الثلاث الذين يعانون في صمت رهيب ومريب في زنازينهم، لا لشيء ربما لأنهم ليسوا محظوظين لإتمام مسارهم الدراسي ليلجوا التعليم الجامعي وينخرطوا في صفوف الحركة الثقافية الأمازيغية، أو في هيئات حقوقية على علتها ودفاعها عن حقوق الإنسان بشعارات وهمية مثل "لا تقيش صايتي الذكورية" و "لا تقيش سروالي الطايح" و "لا تقيش تقاعدي البرلماني"...الخ، لكن ما أثار استغرابنا الشديد هو خذلان الهيئات الحركية والحقوقية الأمازيغية، فلا أحد حرك ساكنا من المنتدى الأمازيغي للحقوق و الحريات، والجمعية المغربية لحقوق الإنسان على الرغم من موافاتها بملفهم إبان محاكمتهم، وجمعيات محلية، وفيدراليات لجمعيات تنموية،...، لنتساءل هل يجب أن ينتموا لمنطقة معينة غير جماعة مصيسي للدفاع عنهم؟ وهل أبناء منطقة فزو وصمة عار على جبين أمازيغ وحقوقي جهة درعة تافيلالت والمغرب برمته؟ وهذه الملاحظات ليس الهدف منها هو التفرقة لكن لتوحيد أكثر للصفوف.
أمام هذا الوضع المتأزم والحزين نقترح توحيد صفوفنا وقوانا للدفاع عن حقوقنا المشروعة دستوريا، وذلك بتوجيه مجهوداتنا نحو كيفية الترافع للتأسيس لفتح نقاش عمومي آني ومسؤول وشمولي تؤطره هيئات ولجن سامية تليق بمكانة القوانين التنظيمية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية - لأن الأمر يتعلق بهوية مجتمع - بجميع جهات المملكة يشارك فيه الجميع كل من زاويته (جمعويين، حقوقيين، طالبة ، سياسيين ...) بعيد عن أي تعصب أو احتكار لأن الأمازيغية ملك للجميع، وايجاد حل فوري للطريقة المتبعة حاليا من طرف رئاسة الحكومة في تلقي المذكرات عبر بريدها الإلكتروني، والتي لن يتمخض عنها لا محالة إلا مشاريع قوانين عرجاء لن ترقى إلى مستوى وصفها "بحروف الشينوية"، ومرة أخرى ستفتح المجال لمزايدات سياسية وحقوقية، أو لا قدر الله ستفتح الباب أمام اعتقالات جديدة والرجوع إلى نقط بداية مخطط لها مسبقا بهذا التأخير، لاسيما أن فريق الحكومة يلعب مقابلته بالبرلمان في الوقت الضائع.
التفعيل الجدي لرسمية اللغة والثقافة الأمازيغيتين في جميع ميادين الحياة إسوة باللغة العربية وفق الطريقة المقترحة أعلاه وبجدولة زمنية مذيلة بأليات التتبع والتقويم في جميع القطاعات الحكومية، ربما هو الحل الوحيد مستقبلا لجزء من المشاكل التي يعاني منها الأمازيغ الذين يزج بهم في السجون أو في القبور، وسيضع حدا للاستفزازات وللعنف اللفظي والجسدي الذي يتعرض له الطلبة الأمازيغ بمختلف الجامعات والكليات المغربية التي هي فضاء للبحث وللتحصيل الدراسي وليس للعنف والعنف المضاد.