زايد بن يدير
 
سجل ودون يا تاريخ في سجلاتك أن يوم 7 أكتوبر 2016، فاز فيه شاب بسيط من طبقة فقيرة بمقعد برلماني، اسمه عمر ودي أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي، فوز لم يأتي من فراغ، لكنه أتى عن جدارة واستحقاق بعيدا عن شراء للأصوات الانتخابية أو استمالة الناخبين بشتى الطرق، تحقق النجاح بمؤازرة واتحاد أناس أحرار بالجنوب الشرقي للمملكة (الرشيدية) من قبيلة أيت خباش. بعيدا عن أي تعصب قبلي، فهم أناس بسطاء ساهموا في صنع التاريخ السياسي المعاصر، وتمكنوا من قلب الطاولة على أباطرة وذوي النفود والشركات الكبرى وسماسرة الانتخابات بالرشيدية، ولقنوا منافسيهم درسا لا ينسى كأنهم دكاترة في عالم السياسة، بتخطيطاتهم وباتفاقهم الجماعي والتضحية بوقتهم وبأموالهم وأفكارهم واتحادهم، لذلك فقد حققوا المعجزة بين أحضان واحات تافيلالت.
 
إبعاد وتنظيف الحقل السياسي بدرعة تافيلالت من برلمانيين فاسدين أمر هين وسهل، فقط يجب إيقاظ الحس السياسي لدى الشباب وتأطيرهم وتكوينهم ولنا العبرة في تجربة أودي و أيت خباش، كذلك ينقصنا الاتحاد والعزيمة، والشعور بتحمل قسط من المسؤولية في ما ألت إليه مؤشرات التنمية المندمجة بمناطقنا التي سئمت من مرارة الاقصاء والتهميش وعدم الانصات لنبض أزقة جماعات النيف وحصيا ومصيسي...إلخ
 
 
لنجعل هذا الحدث سبيلا للمقارنة بين هذه النتيجة وتجربة يوسف بن مولى بدائرة تنغير من حزب الديمقراطيين الجدد، فعلى الرغم من تنظيمه لمهرجانات خطابية في عقر دار أيت اعزى، وزيارته لجميع دواوير أيت عطا بمنطقة النيف، فلم يتمكن إلا من حصد 827 صوت حر ونزيه، ذلك راجع إلى بيع سماسرة المنطقة لأصوات الدواوير بالجماعات الثلاث (حصيا – النيف ومصيسي) في المزاد العلني لأباطرة الانتخابات مقابل مبالغ مالية ومصالح شخصية، ضدا على التفكير في المصلحة العامة والتأسيس لثقافة سياسية جديدة مبنية على الاتحاد والتطوع لخلق نفس الحدث التاريخي بالرشيدية، لكن هيهات الزرقة والمرقة خيمت على البطون بالمنطقة وعصفت بالمبادرة الفريدة لبن مولى يوسف و بحرية الإرادة و القدرة على الاختيار.
 
لذلك يعتبر فوز عمر ودي في نظري نموذجا يجب أن يتحدى به في منطقة أسامر، فهو رمز للتضامن والتآزر لدحض المفسدين وتجار الانتخابات وعبادة الكراسي بالاتحاد فقط، ومنهجية عمله وصفة فريدة لصنع الإرادة السياسية المحلية بعيدا عن الإغراءات المادية والمقاطعة السلبية التي مزقت منطقة النيف. تراهم البارحة في أفواج وهم متوجهين إلى منازل من اشترى منهم أصوات أسرهم، لتقاسم لحظات فرح غير مكتملة الأركان، لأنه ممزوج بالغصة والذنب ولم يتم عن جدارة واستحقاق، كالتلميذ الذي حصل على البكالوريا وهو يعلم أنه غش خلال اجتياز الامتحانات الإشهادية.ألا تستحق دائرة النيف برلمانيا ليترافع عنها؟ لربما في سنة 2021.