أحمد بيضي - أزرو / جديد أنفو

“ باركا من الحكرة ” كان هو الشعار العريض الذي اختير لما سمي ب “ اللقاء التواصلي مع ساكنة الأطلس المتوسط”، والمنظم بأزرو، يوم الأحد 15 يونيو 2014 بأحد المآوي السياحية الذي يحمل اسما لم ينزع عن الأمازيغ نعث “البربر”، حيث انتقل المئات من عدة مناطق بالأطلس المتوسط، استجابة لدعوة إحدى الجمعيات المحلية، على أساس مناقشة ملفات تتعلق بالأراضي القبائلية والسلالية، الغطاء الغابوي، أراضي أداروش والأوضاع الحقوقية والثقافية والاجتماعية المطروحة على المستوى الأطلسي، إلا أن غالبية الحاضرين “فوجئوا” بلافتات وملصقات اللقاء وهي تحمل اسم ورمز “حزب البام” الذي نزل بثقله وبأمينه العام وقيادييه وبرلمانييه وإطاراته الشبيبية والنسائية ووسائله اللوجيستيكية.

وبعض  الملاحظين قرأوا الحدث بانه “حملة انتخابوية معروفة من مقدمتها”، انطلاقا من إقصاء اللغة الأمازيغية، وانعدام أي حرف من حروفها، سواء على اللافتات أو الملصقات والمطويات، ما طرح التساؤل: كيف لهؤلاء النهوض بالجبل وساكنته وثقافته وهويته؟ على حد تعليق لأحد الفاعلين الجمعويين.

وفي هذا الصدد، لم تتوقع بعض الجمعيات الحاضرة أن تجد نفسها “متورطة” في لقاء سياسي كسر استقلاليتها عن كل ما هو سياسي وعقائدي، ما دعا بعض الفاعلين إلى الانسحاب من اللقاء، وفي مقدمتهم الكاتب الجهوي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، سعيد شبعتو، الذي ندد بهذا “المقلب الايديولوجي السياسوي“، علما أن مناطق الأطلس المتوسط، حسب بعض الفاعلين، لم تعد “مختبرا للتجارب” بقدر ما أضحت طموحة أكثر من أي وقت مضى لترسيخ ذاتها ومؤهلاتها التي لها قيمتها الضرورية على الصعيد الوطني، وأن الجميع يساند ويؤازر مطالب قبائل الأطلس المتوسط واحتجاجاتها دون دافع سياسي.

وإذا تم الأخذ بفقرات من كلمة الأمين العام لحزب البام التي أكد فيها على حق الأحزاب في النزول للسكان، فلا مبالغة في الإشارة بأصبع المسؤولية للجمعية المنظمة جراء “إخفائها الوجه السياسي للقاء التواصلي باللثام الجمعوي”، حسب ما صرح به أحد الحاضرين.

وفي اتصال هاتفي به، أكد سعيد شبعتو انسحابه من اللقاء، وشدد بالمناسبة على أن حضوره في اللقاء جاء بدعوة من بعض الجمعويين الذين اتصلوا به من أجل الحضور، غير أنه تفاجأ مثله مثل الكثيرين ب “المقلب” الذي زاغ عن الأهداف التي برمجت لها أهداف اللقاء، مؤكدا على أن معاناة الأطلس المتوسط لا يدركها ويحس بها إلا أبناء وسكان هذا الأطلس، ومكوناته المجتمعية بكل أطيافها وألوانها ومجالاتها، والتي لها الحق في التقدم بملف قضيتها حتى للقضاء إذا اقتضى الحال من أجل التشكي من “حكرة” الجهات المسؤولة، مضيفا أن مناطق الأطلس المتوسط هي الأكثر فقرا على المستوى السوسيو اقتصادي والأكثر غنى على مستوى الموارد الطبيعية، وأن هذا الأطلس أعمق تهميشا من مناطق الريف، في تلميح من شبعتو لما تضمنته كلمة الأمين العام لحزب البام خلال اللقاء المنظم بأزرو.

ولم يفت الكاتب الجهوي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، التقدم بمقترح شامل للنقاش حول إمكانية الانكباب الجدي على تنظيم تجمع عام تحضره جميع الهيئات الجمعوية والنقابية والسياسية والحقوقية والاقتصادية لأجل مناقشة مختلف القضايا والمشاكل والأوضاع التي يعاني منها الأطلس المتوسط القابع تحت الفقر والتهميش والهشاشة والتسول الاجتماعي، وتحت الاستنزاف المهول لموارده الطبيعية، معبراً عن أمله الكبير في إنضاج هذا المقترح وتفعيله قريبا لغاية خلق تنسيقية مسؤولة تسهر على صياغة برنامج عمل متوافق عليه، وقابل للنضال من أجله إلى حين انتزاع حق مناطق الأطلس المتوسط في التنمية وجبر الضرر التاريخي.

قادة “البام” دخلوا المنطقة بمخطط استراتيجي مقوى باختراق المغرب العميق على أساس رفع التهميش والعزلة والإقصاء الاجتماعي، علما أنه نفس الخطاب الذي رفعه ذات الحزب في توصيات له بإفران، العام الماضي، وقال بأنه رفع تقاريره للجهات المسؤولة غير أن الوضع ما يزال على حاله، تماما كما هو الحال بالنسبة لنتائج اجتماع سبق لوزارة الداخلية أن عقدته بجامعة الأخوين وتدارست فيه ملف الأراضي السلالية وذوي الحقوق، وإلى حدود الساعة ما تزال نتائج اللقاء حبرا على ورق، ولعلها ستظل معلقة إلى أجل غير مسمى في ظل الحكومة الحالية.

ويأتي “اجتياح” قادة البام لمدينة أزرو في إطار ما قد يسمى بالحرب النفسية مع حزب امحند العنصر الذي عقد مؤتمره الإقليمي بأزرو، قبل أسابيع قليلة، حيث لم يفت فيه زعيم “حزب السنبلة” التعزف على مشاكل العالم القروي، وضرورة الاهتمام بمناطق الأطلس المتوسط التي قال بأنها هي “منبع الحركة الشعبية ورابطتها وانطلاقتها”، ولم يدرك “الزائرون” أن المعنى الأمازيغي ل “أزرو” هي الصخرة التي تحطمت عليها كل مخططات الاستعمار وأوهام الاستقلال، وكم كانت كلمة الأمين العام لحزب “التراكتور” جريئة تقاطعت مع هموم الحاضرين في تناولها لمعاناة الأطلس المتوسط وللتنمية المطلوبة والمجتمع المدني وسياسة اقتصاد الجبل، ونقاط أخرى كان من المفروض أن تشرك فيها جميع الهيئات دونما“تسللاَّت” في ما يشبه “الجلباب” الذي سلِّم في اللقاء لقائد الضيوف من باب أصالة وتقاليد وحفاوة الأطلس المتوسط.

وفي ذات السياق، دخل فاعلون بنقابة تهتم بشؤون الفلاحين الصغار بعين اللوح على الخط لوصف اللقاء بواحد من “اللقاءت التي لا تخدم مصالح البسطاء بقدر ما تهدف إلى المزيد من الصراعات والمتاجرة بمصالح الفلاحين”، وطالبوا ب “تعميق التحريات في دوافع هذا اللقاء الذي يعتبر مشبوها لعدم اعتماده على مقاربة تشاركية”، بعيدا عن “التطبيل للموالين لمن يهللون للوبيات الفساد ومافيات العقار والغابة تحت غطاءات جمعوية”، على حد ذات الفاعلين .

 الصور بعدسة : سعيد وعشى