زايد جرو - الرشيدية / جديد انفو
المايسترو الحسين بن الحبيب من الكفاءات الفنية بمدينة الرشيدية أبدع في الغناء وشهرته بقيت حبيسة إبداعاته ولم يتمكن لظروف معينة قد تكون اقتصادية أو اجتماعية او نفسية من ترويج إبداعه الذي نهل من الجنوب الشرقي، في الوقت الذي رحل فيه فنانون آخرون من مدن شمالية نحو المغرب العميق وصوروا "كليبات" وأغاني وركبوا على تراث درعة تافيلالت فازدادوا في تسلق سلم الشهرة .
والمقطع الغنائي جنوبية للفنان الحسين بن الحبيب فيه مقامات إيقاعية عالية ومرجعية فنية جنوبية أصيلة، وقد جاء عنوانها على صيغة التأنيث لما تحمله الأنثى من إيحاءات الخصب والعطاء في كل الثقافات سواء منها الأجنبية او العربية او الأمازيغية، ذاك العطاء الذي استمد مرجعيته من أساطير الخصب والبعث والانبعاث في الثقافة اليونانية ومن التجارب الإنسانية عموما والتي وهبت للمرآة القدسية والقداسة .
جنوبية في عمقها اللغوي والدلالي إبداع منسوب للجنوب في تضاد مع الشمال استحضارا للثنائية الضدية شمال / جنوب لمحو ما تم وشمه وتداوله في الثقافة المغربية من قيم معوجة كالفوقية والتعالي لأهالي الشمال على أهالي الجنوب ومن قبيل الجنوب غير النافع والشمال المخصب المعطاء، وهو الموقف الذي فرضته التحولات السياسية والاجتماعية بناء على نمط تفكير مغربي فاسد.
جنوبية تستحضر الأنثى المرأة ذات الدلال الجنوبي مصدر الخصب والإلهام بلونها الخمري والتي استطاعت أن تحافظ على السحر الذي تاه وضاع بين زحمة المساحيق المزيفة لحقيقة الجمال، فالجنوبية سمرة، وخمورية، ونور، وعطور، وقمر محفوف ومحاط بالكواكب، ملكة في هودجها، تحمل بشرى الخير... يا سلام عليك يا حبيب بن الحسين .
جنوبية ..هي الكمرة علات .... خرجو تشوفوها .. شحال سارت معها من نجمات ... فحيوها..هي حقا أغنية حالمة بصور شعرية شمولية ومركبة يتداخل فيها البعد الإيقاعي والدلالي والاستعاري، و من الممكن الاشتغال عليها سينمائيا في فضاء الواحات بالجنوب الشرقي في احتفالية عالية تمجد الأنثى الأم والحبيبة والزوجة والأرض والحضارة، وتعيد للأذهان الرومانسية المتعالية المتباهية التي تحمل معها رسالة الفن في مفهومه العاجي وبعده الأخلاقي والجمالي والفلسفي والفكري ولنستمع لمقطع من أغنية جنوبية.

