اسماعيل ايت حماد - زاكورة / جديد انفو
 
تعيش أسرة “علي بابا” في حي تنسيطة نشاشدة ببلدية زاكورة، معاناة قاسية و حياة التشرد منذ سنتين، ويسكن أفراد الأسرة بالعراء في الهواء الطلق في ركن إحدى الأزقة، وضعوا أغراضهم وأثاثهم البسيط محاطا بأغطية بلاستيكية بدون أي سقف أو غطاء يقيهم من حرارة الشمس أو برودة الشتاء القارس وتساقطاته المطرية.
 
يحكي “علي بابا” عن مأساته التي بدأت منذ شهر نونبر 2014 إثر التساقطات المطرية الغزيرة ومانتج عنها من فيضانات في مختلف مناطق جنوب المغرب، إذ انهار جزء من المنزل وأدى إلى إصابة والدته بجروح نقلت على إثرها إلى المستشفى.
 
وأصدر المجلس البلدي قرارا يقضي بالإفراغ وهدم المنزل بمبرر أنه يشكل خطورة على قاطنيه وعلى الساكنة المجاورة .
 
وأضاف “علي بابا” أن السلطات الإقليمية وعدته بتقديم المساعدة له على غرار بعض الأسر التي انهارت منازلها وتكلفت العمالة بكراء منازل لهم في انتظار إيجاد حل نهائي ،واتهم “علي بابا” السلطات بعدم الوفاء بوعودها .
 
كما استنكر منعه من لقاء عامل الإقليم لعرض المشكل عليه خاصة وأنه يعيش معاناة قاسية في وضعية تحط من الكرامة الإنسانية على حد تعبيره.
 
يشتغل “علي بابا” مياوما بالكاد يوفر مصاريف قوته اليومي ودواء أطفاله الذين أصيبوا بنزلات البرد، ويحكي بمرارة والدموع تغلب عينيه كيف يتدبر أمر أبنائه الثلاثة ويلبسهم أكياس البلاستيك لعلها تقيهم من البرد والمطر في ليالي الشتاء القارس، كما لا يستطيع أن يبتعد عن مأواه خشية على أبنائه من الكلاب الضالة أو اللصوص خاصة وأن أغراضهم الشخصية في الهواء الطلق تحيط بها فقط أغطية بلاستيكية بسيطة وقطع الكارتون.
 

مستنكرا العراقيل التي يواجهها من طرف السلطات بعدما وعده أحد المحسنين بالمساهمة في تشييد سور على قطعته الأرضية لتحصين أثاثه في انتظار إتمام بنائها، لكن فوجيء بتماطل السلطات والجهات المختصة في منح الترخيص والمصادقة على التصميم منذ شهور.

الزوجة رشيدة في الثمانية وعشرين من عمرها وفي ريعان شبابها تقاوم صعوبة وقساوة العيش وبهمة عاليه تحكي كيف تعاني مع أبنائها الثلاثة أصغرهم يبلغ ثمانية أشهر، قضت فترة الحمل مشردة في مأواها الذي تحيطه قطع من الحصائر والكارتون والبلاستيك يظل مجرد حاجز لنظرات المارة والفضوليين، والوقاية من قليل من البرد وتوفير جزء من الظل في الصيف، ولا تمنع هذه الحواجز من البلاستيك والكارتون من تسرب مختلف أنواع الحشرات و العقارب إلى حيث ترقد مع صغارها، وتستأنف في حكيها وقائع نقلها للمستشفى بعد لدغة عقرب في منتصف الليل وبدأ هاجس الخوف على صغارها من لدغات العقارب يؤرقها ويمنع عنها النوم فتضطر للاستيقاظ أكثر من مرة في الليلة الواحدة لتراقب أرجاء المأوى .

من أصعب لحظات معاناة الزوجة حينما وضعت مولودها الأصغر منذ ثمانية أشهر في المستشفى وعادت لتقضي أياما في مأواها بالهواء الطلق في الشارع في ظروف قاسية من شأنها أن تسبب مضاعفات وخيمة للمرأة النفساء، غير أن سيدة من جيرانها عطفا عليها وإحسانا حملتها إلى منزلها لتقضي بعض الأيام رأفة بها وبمولودها .

تستمر الزوجة رشيدة في سرد معاناتها وبحرقة وقوة ورباطة جأش غير أن الدموع غلبتها هذه المرة حينما تذكرت كيف أن ابنتها يوم أمس عادت إليها تبكي بعدما شتمها أحد أقرانها من أبناء الجيران بأنهم مجرد “أناس ساكنين في الزنقة ماعندهم دار”لتنفجر الزوجة بكاء وصراخا :”أي إنسان في هذه الدنيا يرضى لنفسه العيش وتنشئة أبنائه في هذا الذل والقهر”وتستنكر وملامح الإشمئزاز على وجهها عن أي ذنب ارتكبت تجاه المسؤولين حتى يتجاهلونها بعدما وعد باشا المدينة أن يبعث لها بلجنة للمعاينة، وظلت تنتظر دون أية جدوى، وتستمر في الصراخ وتتساءل ماذنبها تذهب للقاء عامل الإقليم ويطردها الحراس من الباب وتعود بإذلال وشعور بالحط من الكرامة الإنسانية، تسكت طويلا وتتألم وتختم كلامها بالمناشدة لجميع المحسنين بمساعدتها بكل أنواع الدعم، وتوجه نداءها لكل الجهات المسؤولة لتخبرهم أنها تعلم جيدا ويقينا أن ملك البلاد لن يرضى بحياة الذل والتشرد التي تعانيها رفقة أسرتها، وتدرك كذلك أنه لو علم بحالهم لاتخذ إجراءات تنقذهم من التشرد، وختمت بتشبثها بوطنيتها وافتخارها بمغربيتها رغم المعانات والتشرد وإهمال المسؤولين لقضيتها، وأنها متفائلة بإذن الله سبحانه وتعالى بالإنفراج واليسر بعد العسر لينشأ أبناؤها في بيت كريم يأويهم ويحفظ كرامتهم الإنسانية .