مستنكرا العراقيل التي يواجهها من طرف السلطات بعدما وعده أحد المحسنين بالمساهمة في تشييد سور على قطعته الأرضية لتحصين أثاثه في انتظار إتمام بنائها، لكن فوجيء بتماطل السلطات والجهات المختصة في منح الترخيص والمصادقة على التصميم منذ شهور.
الزوجة رشيدة في الثمانية وعشرين من عمرها وفي ريعان شبابها تقاوم صعوبة وقساوة العيش وبهمة عاليه تحكي كيف تعاني مع أبنائها الثلاثة أصغرهم يبلغ ثمانية أشهر، قضت فترة الحمل مشردة في مأواها الذي تحيطه قطع من الحصائر والكارتون والبلاستيك يظل مجرد حاجز لنظرات المارة والفضوليين، والوقاية من قليل من البرد وتوفير جزء من الظل في الصيف، ولا تمنع هذه الحواجز من البلاستيك والكارتون من تسرب مختلف أنواع الحشرات و العقارب إلى حيث ترقد مع صغارها، وتستأنف في حكيها وقائع نقلها للمستشفى بعد لدغة عقرب في منتصف الليل وبدأ هاجس الخوف على صغارها من لدغات العقارب يؤرقها ويمنع عنها النوم فتضطر للاستيقاظ أكثر من مرة في الليلة الواحدة لتراقب أرجاء المأوى .
من أصعب لحظات معاناة الزوجة حينما وضعت مولودها الأصغر منذ ثمانية أشهر في المستشفى وعادت لتقضي أياما في مأواها بالهواء الطلق في الشارع في ظروف قاسية من شأنها أن تسبب مضاعفات وخيمة للمرأة النفساء، غير أن سيدة من جيرانها عطفا عليها وإحسانا حملتها إلى منزلها لتقضي بعض الأيام رأفة بها وبمولودها .
تستمر الزوجة رشيدة في سرد معاناتها وبحرقة وقوة ورباطة جأش غير أن الدموع غلبتها هذه المرة حينما تذكرت كيف أن ابنتها يوم أمس عادت إليها تبكي بعدما شتمها أحد أقرانها من أبناء الجيران بأنهم مجرد “أناس ساكنين في الزنقة ماعندهم دار”لتنفجر الزوجة بكاء وصراخا :”أي إنسان في هذه الدنيا يرضى لنفسه العيش وتنشئة أبنائه في هذا الذل والقهر”وتستنكر وملامح الإشمئزاز على وجهها عن أي ذنب ارتكبت تجاه المسؤولين حتى يتجاهلونها بعدما وعد باشا المدينة أن يبعث لها بلجنة للمعاينة، وظلت تنتظر دون أية جدوى، وتستمر في الصراخ وتتساءل ماذنبها تذهب للقاء عامل الإقليم ويطردها الحراس من الباب وتعود بإذلال وشعور بالحط من الكرامة الإنسانية، تسكت طويلا وتتألم وتختم كلامها بالمناشدة لجميع المحسنين بمساعدتها بكل أنواع الدعم، وتوجه نداءها لكل الجهات المسؤولة لتخبرهم أنها تعلم جيدا ويقينا أن ملك البلاد لن يرضى بحياة الذل والتشرد التي تعانيها رفقة أسرتها، وتدرك كذلك أنه لو علم بحالهم لاتخذ إجراءات تنقذهم من التشرد، وختمت بتشبثها بوطنيتها وافتخارها بمغربيتها رغم المعانات والتشرد وإهمال المسؤولين لقضيتها، وأنها متفائلة بإذن الله سبحانه وتعالى بالإنفراج واليسر بعد العسر لينشأ أبناؤها في بيت كريم يأويهم ويحفظ كرامتهم الإنسانية .