زايد جرو  + سعيد وعشى – مزكيدة / جديد انفو

قصر مزكيدة من القصور التاريخية العتيقة بتافيلالت  من مشيخة آيت خباش التي أبلت البلاء المقدام والمغوار في مقاومة الاستعمار، والمشيخة  كان لها  وزن  قوي في الحفاظ على التوازن بين ساكنة تافيلالت التي كانت تتأرجح لغتها بين العربية والأمازيغية، ومساحتها شاسعة جدا جمعت  ساكنة ممتدة وعريضة من الأمازيغ والعرب واليهود، أنشأ المستعمر بها محكمة سماها المجلس لمحاكمة المقاومين،  والقصر من القصور التي شيد بنيانها  ووضع أسها المولى إسماعيل ومازالت الأسوار بسمكها الكبير والأقواس السلطانية  بالمداخل و قبة المسجد والرسومات  شاهدة على أثر حضارة كبيرة مرت من هناك  في عبق التاريخ، ولم يبق منها غير أثر بعد عين.

القصر  به نظام ري عجيب  وفريد لا يوجد بالقطع إلا فيه  في كل واحات الجنوب الشرقي، حيث كان السقي بنظام " لَبَنَاتْ" والذي سنعود للتفصيل فيه لاحقا، وهو أيضا من القصور التي استفادت مبكرا  من كهربة العالم القروي، والماء الصالح للشرب وتعبيد الطريق، وتخرج من مدرسته الطينية كوادر كبيرة  لا عد لها ولا تعداد، هي الآن في صلب المسؤولية داخل الوطن وخارجه في مختلف المراتب  في القطاعين الخاص والعام، وتتوفر المشيخة على "كاريان " للرخام لكن عائداته قليلة على الجماعة مما يستوجب إعادة النظر في صفقات كراء المقالع للشركات والمنعشين الاقتصاديين لتستفيد المنطقة من عائدات جوف أرضها ولتلمس الساكنة بأن الخير  النافع منها  ولها.

الطريق المؤدي للقصر تآكل وامتلأ بالحفر وحتى الاسم الذي كان بعلامات الإرشاد على الطرقات  بالجوانب  يرشد الأجانب والزوار  تمت إزالته، والجماعة لا تولي أي اهتمام للتنمية المحلية، وكأنها ما وضعت في الأصل إلا من أجل الوثائق الإدارية ، و البلد يتهالك يوما بعد يوم تحت أنظار المسؤولين الجماعيين.

بداخل القصر  ممرات ودروب  كانت  آهلة بالحركة سكانا ودوابا وزواحف، وجدران الأمس  كانت قوية صمدت لسنين في وجه  التعرية الطبيعية والبشرية،  والآن هي  معطوبة ومعصوبة الجبين مشدودة بأخشاب يحمي بعضها بعضا ويتكئ الهزيل بالهزيل منها ويستنجد الغريق بالغريق  منها على وقع صدى دوامة أمواج عاتية من الإهمال والتهميش والتقصير، وهي أرشيف حي وشاهد على تاريخ المغرب وعلى تقاليده الضاربة في القدم، وعلى حضارة متفردة وحدث تاريخي عاشته المنطقة ، حيث زارها السلطان محمد الخامس رحمة الله عليه مرتين  زمن بناء المغرب والهوية وزمن صراع النحن  مع الآخر لمكانتها التاريخية،  لكن البلدة الآن  شاخت وبلغت  مرحلة متقدمة من التدهور والكبر والعتي، مست أسها الجماعي وإطارها المعماري، ما جعل قيمتها تتلاشى، وتحتاج لتدخل كبير من وزارة الثقافة والإسكان والتعمير والتنمية المجالية، ومجلس الجهة  والجماعة المحلية والسلطة والفاعلين الجمعويين  لفتح نقاش موسع  حول الإشكالية التي يواجهها هذا التراث، بهدف إيجاد حلول  لإعادة إحيائه وضمان مستقبل لهذه المعالم المعمارية الثمينة وإنقاذها من التلاشي والتداعي بالترميم  إدماجا في الدينامية التنموية المستدامة المحلية بوضع استراتيجيات تشاركية  متنوعة لتثمين وإعادة تأهيل هذا التراث وجعله شأنا في صلب انشغالات الجميع، والقصر لم يشهد مبادرات  في مجال  الترميم وإعادة تأهيل وتثمين  التراث الثقافي والمعماري  لتافيلالت لا  من حيث  الدراسة والتوثيق  وتطوير البحث العلمي، ولا من  حيث المقاربة، ولو جزئيا  في سياسة التخطيط، لاستعادة قيمة هذه المعالم وتجويدها لأنها التجسيد الملموس  الحي للهوية.

كاميرا جديد انفو جالت بالقصر  والتقت الساكنة وعاينت منازلها وحلت بالدار الكبيرة على غرار اسم الدار الكبيرة الموجودة بضريح مولاي اسماعيل بمكناس  للعلاقة التاريخية بين السلطان وقصر مزكيدة، ووقفت على حجم وهول الدمار الذي أحدثته التقلبات المناخية في ظل التهميش من المسؤولين جميعا، والقصر مازالت به العديد من الأسر تعيش تحت رحمة الرعب والخوف  والدهشة من تساقط هذه الجدران القوية فوق رؤوسهم، وقد اعتادت السلطات ألا تتدخل حتى تحدث الكوارث كما هو الشأن في العديد من المدن التاريخية ك:  فاس ومكناس ومراكش والجميع  بقصر مزكيدة يدق ناقوس الخطر للتدخل قبل أي حادث قد يصيب الساكنة جنبها الله شر الكوارث الطبيعية والبشرية ....

وإليكم الربورطاج: