جديد انفو - نيم جنوب فرنسا / متابعة

احتضنت مدينة روديسون ضواحي نيم جنوب فرنسا يوم 28 / 12 / 2015 حفلا حول حوار الاديان والتعايش السلمي بمشاركة عمدة المدينة السيدة فابيان ريشار الى جانب شخصيات وازنة في المجال الديني والسياسي و الاعلامي وجمعيات من المجتمع المدني.

في كل يوم تزداد المخاوف لدى المواطن الفرنسي اذ صار يتوخى الحيطة والحذر ممن يرتدي الجلاليب واصحاب اللحى الطويلة المثيرة للريبة والشك، واضحى الهلع والرعب يعترضه من كل شيء يرمز الى الاسلام والمسلمين. فالحروب المشتعلة في الشرق العربي وازدياد عدد الملتحقين من اوروبا بتنظيم داعش ثم الهجمات الارهابية التي ضربت فرنسا 13 نونبر الماضي في عقر دارها والذي خلف اكثر من 130 ضحية خلق حالة من التوتر في المناخ النفساني عند المواطن الفرنسي، واتسعت رقعة الهوة بينه والمقيمين الاجانب عامة والمسلمين خاصة دفعها لتكثيف الضغوطات على الحكومة لتتخذ المزيد من الاجراءات الاحترازية والخطوات الامنية الاستباقية بهدف احكام سيطرتها على المساجد ثم مراقبة الخطاب الديني واحتوائه، مما حمل الدولة على ترحيل الائمة المشتبه بهم وفرض الرقابة على الاسر الموصوفة بالتطرف والغلو المؤديين الى العنف وزرع الكراهية بين المواطنين باسم الدين. ناهيك عن هذا النقاش الحاد داخل الأوساط السياسية الفرنسية بخصوص مقترح تعديل الدستور لاسقاط الجنسية الفرنسية عن كل مواطن فرنسي مزدوج الجنسية متهم بالارهاب .

وقد سجلت منذ نونبر الماضي الى اليوم حسب احصائيات المرصد الوطني لمناهضة الإسلاموفوبيا بفرنسا 222 حالة اعمال معادية للمسلمين افرادا و ممتلكات كان اخرها ما يقع الان بكورسيكا من تخريب مسجد واحراق كتب القرءان و الاعتداء على محلات تجارية أصحابها مسلمين .

وفي خضم هذه التطورات وانعكاساتها السلبية على واقع المهاجرين المغاربة والجالية التنغيرية المتواجدة بكثرة في جنوب فرنسا والتي لم تسلم هي الاخرى من النعوتات والمضايقات الناجمة عن الافكار العنصرية المتنامية التي تستند بدورها على الصور النمطية والاحكام المسبقة والتحكيم الى التعميم الذي تغذيه التفسيرات والتأويلات الخاطئة والمغلوطة للدين الاسلامي السمح ، بادر السيد هناني محمد ، وهو ابن مدينة تنغير، وفاعل جمعوي و سياسي نشيط في فرنسا الى تنظيم حفل تحت شعار " التعايش الاجتماعي " بتنسيق مع جمعية الصداقة و التعاون الفرنسية المغربية ، استدعى له فرقة الاصالة للإنشاد و المديح برئاسة الاستاذ محسن نورش من المغرب و التي أبهرت الجمهور الغفير المكون من مختلف الأجناس و الأديان بايقاعات موسيقية أصيلة ممتزجة بكلام روحاني متشبع بالمعاني الدينية السمحة . كما شاركت في هذا اللقاء السيدة عمدة المدينة مرفوقة بأعضاء المجلس البلدي ونخبة من الفاعلين السياسيين المحليين كالسيد جيرار بلان ممثل المجلس الإقليمي و حرمه . في كلمتها أكدت السيدة فابيان ريشار ان ما قامت به حفنة من المتطرفين المهووسين من هجومات ارهابية في باريس لا يمثلون بصلة لا للإسلام و لا للانسانية و لا يجب ان نضع عشرات الملايين من المواطنين الصالحين في قفص الاتهام ، فدعت الى ضرورة التعايش و البناء المشترك و الحوار بين مكونات المجتمع. كما عرف الحفل ايضا مشاركة ممثلو الديانات المختلفة بالمنطقة . عن الجانب الاسلامي كانت مشاركة السيد ادريس المودني رئيس المجلس الجهوي للديانة الاسلامية حيث أكد ان الاسلام دين السلام ونبذ العنف و حذّر من اللجوء الى المفاهيم المغلوطة و الأحكام المسبقة واعتبارها مقياسا و مرجعية في النظر الى الاخر ليخلص الى القول بان فرنسا في أمس الحاجة الى كل ابناءها و العمل يدا في يد لبناء مجتمع يسوده التضامن و التعايش. وكان طبعا للمجمع اليهودي بمدينة نيم و للكنيسة المسيحية كذلك مساهمة فعالة في اغناء الحوار و إثراءه في هذا الحفل . وفي كلمة مقتضبة له، أشاد السيد حميد الرحموني رئيس جمعية الصداقة و التعاون المغربية الفرنسية بزيارة فرقة الاصالة للإنشاد و المديح لفرنسا في جولة للاحتفال بذكرى المولد النبوي مع أفراد الجالية وهي المناسبة التي تتصادف هذه السنة احياء ذكرى ميلاد المسيح عليه السلام.

افتتح الحفل السيد هناني محمد رئيس جمعية اجيال الأمل و التنمية الذى اشاد بهذا اللقاء النوعي الذى جمع فيه ممثلين عن الديانات السماوية والسياسيين والاعلاميين و الجمعويين ونوه بالشخصيات المرموقة التي جاءت لتعطي لهذا الحفل زخما اضافيا لتجعل منه أداة لبناء وتقوية أرضية الحوار المثمر الذي يرسخ للتعايش السلمي وقبول الآخر ، مذكرا بالثوابت و المبادئ التي تقوم عليها الدولة الفرنسية و هي : الحرية ، المساواة و الاخوة. مبرزا " اننا اليوم ، اكثر من اي وقت مضى ، مطالبين ، كل من موقعه ، بالمساهمة اليومية لبناء التعايش السلمي بين افراد المجتمع الفرنسي على اختلاف اعراقهم واجناسهم وتباين اديانهم ومعتقداتهم.

وفي ختام الحفل أقيمت مأدبة عشاء من تحضير نساء من الجالية المغربية على شرف الحاضرين و المدعووين.

وقد حضي الحفل بتغطية إعلامية هامة خصصت لها مقالات تشيد بهذه المبادرة موكدة انها ستظل راسخة في الاذهان ....