زايد جرو  - الرشيدية / جديد انفو

قصرمزكيدة  التاريخي  العتيق بالريصاني ، أنجب عددا من المثقفين والمبدعين والكتاب والمسؤولين، الكثير منهم رحل وبقي الكثير أيضا مرتبطا  بالبلدة لكن الفنانة  ' مريم واديرو ' بقيت مخلصة لنشأتها التي صقلت موهبتها الفنية من البسيط للمعقد، وانعكست في لوحات تعمق الأصل  والهوية والتربة و - إغرمان - بأبراجها التي عمرت  في الزمن طويلا  والتي تجسد  عظمة إنسان المغرب العميق  وصبره وعيشه  وقناعته بالبسيط بالواحات بين  دروب مظلمة  ووسط قصور وقصبات عتيقة جمعت   - اللمة - منذ الأزمان  بجهة درعة تافيلالت.

فالمتتبع للوحات الفنانة مريم واديرو المنحدرة من ذات القصر أصلا وهوية  يدرك بأن عملية الإبداع بمختلف أشكالها وتقاسيمها وتجلياتها وتعابيرها تتحرك داخل ثقافة تتميز بتجاذب عجيب بين الرموز والأشكال والألوان برؤى زودت الفنانة بكثير من أدوات الممارسة، ومكنتها من الانخراط في الحراك الفكري والثقافي والتراثي للمنطقة  بالنبش في مقومات الهوية والخصوصية، والتفكير في القنوات الملائمة لنسج علاقات تفاعلية مع متتبعيها في خضم تعميق الوعي الفني، حيث غامرت الفنانة في تجارب تستوجب التفكير في السبل الكفيلة لجعل التشكيل والفن أكثر تجذرا في فكر ساكنة  الجنوب الشرقي باحترافية متقنة وبمتعة عالية للعين والنفس من خلال لوحات إبداعية يتضاعف فيها الاستحسان بالقضايا التراثية الأصيلة تجعل الواقف يصغر أمام حجم التساؤلات الوجودية والزمانية والمكانية التي يفرضها ثقل هذه اللوحات، بعمل فيه ذوق عميق خلق انفعالات وسيولا من الأسئلة الفلسفية والجمالية .

ومن خلا مكونات لوحاتها ومن خلال المسح البصري المبسط العادي، الذي يمكن أن يقوم به أي شخص، فاللوحة  حسب الرؤية الإبداعية والرسالة  المشفرة، التي أرادتها الفنانة بكل جماليتها وحساسيتها، وبكل مرجعياتها التراثية والحضارية الممتدة هي نبش في الأصل والهوية وهي علاقة حميمية بين الأنا الحاضرة والأنا المهاجرة الراحلة عبر تخوم الوجود، والزمن، والإنسان، والفنان، والمتلقي، والكل في هذا الفضاء التشكيلي في حاجة إلى  إعادة البناء، ومن هنا تبدأ الرمزية الواسعة  الممتدة للوحاتها، فالفنانة من خلال تشكيلها هي الباحثة، الإنسانة، المبدعة التي أرادت أن تعيد ماض مضى لكنه لم يمض، من منظور باحثة مهووسة بالكون والزمن .

رموز الفنانة واديرو مريم مرجعيتها  الذاكرة، الكون، العالم، الوجود، الحضارة، التراث و الزمن الهارب المنفلت المتشظي، و مشروعها رسمته عبر سلسلة من اللوحات، التي يسافر فيها  المرء عبر الزمن النفسي للبحث عن الانا الهاربة، عبر الفن الاسترجاعي  من خلال منظومة فكرية ثقافية غائبة لدى الإنسان العادي ، حيث يشعر قارئ اللوحة بأنه أمام تجربة تحاول فيها الفنانة أن تعلل الحنين الذي يلاحقها عبر الامتداد.

الفنانة مريم واديرو تجبرك على الإخلاص  والارتباط بالمكان، ويبدو أن المكان المنشود لديها كان أكبر، وأوسع و أكثر إضاءة، ورحابة، وأكثر حميميةً، وقد اختارت لونا امازيغيا لهذا الترابط لأنه الأصل، وهو مادة أصيلة في معظم لوحاتها التعبيرية، صمتا وهدوء  فالفنانة ترسم لا من أجل الرسم، بل  رسم  فيه استفزاز ودهشة واغتراب عجيب .
إن لوحات الفنانة  تُغْني الثقافة، وتعمق الحس الفني  ويشعر المرء بأنه  يحاول الإمساك بالزئبق من خلال قراءته لها، فحين يعود للوحة من أجل قراءة ثانية أو ثالثاتيا  يجد أن الكتابة بدورها لا تستطيع ترميم ما خرّبه النسيان، فيؤمن  آنذاك باستحالة التنظير والقراءة الكلية للتراث الإنساني، فالمقال هو  بداية محتشمة لمتخصصين يمكن ببحثهم إيفاء الفنانة  مريم واديرو  ما تستحق من عناية وتقدير، فعملها الفني يُمكننا من فهم الأنا  بكيفية أفضل  عبر الاسترجاع ،ونتمنى أن تتاح لنا فرص أخرى  في عمل آخر لجعل كتاباتنا جسراً للمعرفة بيننا  وبين الفنانة من جهة و بين الفنانة والقارئ من جهة أخرى وهي تنضاف  للفنانة 'فاطمة حمومي '' من نفس القصر ' التي اشتغلت على نفس التيمة تقريبا وابداعهما ابداع  بريشة نون النسوة من الجنوب الشرقي الممتد.

المزيد من فن الفنانة على رابطها على الفايسبوك : Meryame Ouederrou