رقية غفري*

تزخر دادس بطبيعة غناء، تتنوع بين الأشجار المثمرة والنباتات العطرية إذ يحرص فلاحو المنطقة على زراعة الحبوب في كل سنة، وتتخلل مراحل الحصاد مجموعة من الطقوس التي تنبع من صميم الفرح بالموسم الفلاحي الجيد.

في ليلة الحصاد يتم تجهيز المناجل» إسماودن إمكران«  والحملات شبيات والبهائم عند صاحب الحقل، يستيقظ العمال في الصباح متوجهين الى الحقل، ومن مميزات هذه المرحلة أنها تمر في جو شاعري تتخلله إبداعات النسوة في نسج قوالب شعرية لإحياء المناسبة ولمجابهة طول اليوم وحرقة الشمس.

من أجمل ما أبدعته نسوة الجنوب الشرقي (دادس) في أيام الحصاد، افتتاح طقس الحصاد بذكر باسم الله و الرسول محمد، متضرعات من الله أن يختار لهن مقاما و سكنا عاليا يوم الفناء، اليوم الذي يتسألن، ما الذي سيجدنه هناك، لا سطح، لا مسكن، لا مجاري للماء في نوع من المقارنة بين الكون الاني و المستقبل المجهول.

تقول الأشعار ما يلي :

أكي زورغ زورنك أيت الكتاب إغران أربى

صلى على محمد المختار

عون أربي أيت تمكرا

اربي ختاري تيميزار روانين

الله أتحانوت ن ليخرا ميدنت ديكونت نوفا

أوري تلي تدولي دوسقاموا

أوري تلي ماك توجورن ومان

كتعبير عن تعاون الأهل فيما بينهم، تنشد المرأة أيام الحصاد أنها لا تفارق أخاه لمدة عام فإنها مستعدة لتلبية النداء في كل وقت وحين. في مثل هذه اللحظة من السنة القادمة سيبعث أخوها الأكبر في طلبها للمولود الجديد الذي يقصد به الموسم الجديد للحصاد أو أي شيء آخر. طالبات من الله المباركة لأشقاء. شاكرات الله على جودة الموسم متمنيات أن يكون مصير كل أحبه الله كمردودية الموسم الفلاحي الزاخر.

مكيد إغرى دوغن أور نكيد د أويما أسكاس

لوقتيدغ غيمال إغريد ديغ وابا سيان امحتار

باركي كويما أربي

أمكي د امكين استالين ودا تريت أربي

يترنح المنجل، و يداي ترتعشان غطني بظلك يا رب، سيطول اليوم تحت الشمس، أتشوق أن أبتعد عن شدة الحرارة أعاني من الحار، إني احترق من شدة الحرارة، الطقس ليس هينا على العاملات فدرجات الحرارة عالية، و خاصة في منتصف النهار، لكن الابداع و نسج الاشعار و الدعوات، يجعلن من اليوم عاديا و يمكن تحمله.

داي سيرير إمي نوسمادا

ايفاسن اينو داتركيكين

أدريد إومالونك تفويت أك نكلا ياربي

نزوزط اد نفغ أزال يغي الحما

لا يغيب الهجاء و السخرية على مناسبة الحصاد، فالمزارعون الفاشلون مصير زراعتهم كمصير الميت يتم حمله في أحندير (الكفن) كما يحمل الموتى، النسوة هنا يتأسفن على الحقل الذي كان من نصبيه أن يزرع بأسواء البذور من طرف أسواء المزارعين، لا ينتهي المعنى عند الحقل إنما تعني الانسان فمن يزع يحصد ومن كان زرعه احتيالا فلا ثمار تقطف وبعض المواقع تم إفسادها بإيلاء المسؤولية لغير أهلها، أي زرع اسواء البذور في أجود الاماكن .

الله أربى ايات تغدا تطرافيت

اتكر ديس كار امود اليك تسوكي

اتكرزا نلمتاليف تكرزا نلمتاليف

هات أحندير اكت اوسيغ

أحندير اكت اوسيغ

كل ما تم حصاده يقوم الذكور بحمله صوب الندر  «أنرار » عن طريق البغال و الحمير تحت زغاريد النساء وتشكيلة من أحيدوس، يرددن فيه تجهز يا ندر تجهز للقمح للشعير لهبة الباري تعالى.

وجد أيرنارنو إوجد أيرنار أوجداس إلخير

إردن اتمزين اردن اتيمزين اتيكي ناباري تعالى

عند الانتهاء من الحصاد في الحقل: أيها الحقل العاقبة للعام القادم وأكون على قيد الحياة، تكون في ملء ريعانك ومالكك في حياتهم: يضربن موعدا مع الحقل و المالك للعام القادم.

ايكر سلعقبال ديغ نيمال

 إديرغ إديرن وداكن لانين

إزلان نتمكرا او أشعار نتمكرا بصمة من تراث الجنوب الشرقي الزاخر فكل كلمة تحمل دروسا في الحياة، أشياء لا تنتهي في الحقل كالتشبث بالأرض والهوية. ففي العام القادم سأتلقى دعوة من أخي لمولود جديد من بذرة ابات ان تتحول عن أصلها.

لوقتيدغ أيمال إغريد ديغ وابا سيان امحطار.

* طالبة باحثة في ماستر مهن وتطبيقات الاعلام بأكادير (الصورة اسفله)