زايد جرو - تنغير / جديد انفو( الصورة من الارشيف قبل كورونا )

قادني الهوس بالبساطة التي تلبس الحرفيين بحارة اليمين بإقليم تنغير بجهة درعة تافيلالت الى البحث من جديد  حول ما قيل عن البساطة، وعن القيم  في مدونات الفلاسفة والحكماء والشعراء، وتساءلت بعد معاشرة هؤلاء الحرفيين لأزيد من عشرين سنة بتغزوت وتنغير والنواحي، كيف امتلكوا الخصال النبيلة ،ولم يعرفوا الصف ولو ليوم واحد أمام معلم صبيان، فأدركت الاجابة الحقيقية بعد طول نظر في مؤلف 'حازم القرطاجني' في منهاج البلغاء وسراج الادباء الذي بين بالحكمة ان البساطة والقيم مادة اصيلة في الانسان ما لم يلوثها ذاك الانسان  بمادة صناعية دخيلة .

الحرفيون بحارة اليمين  وتنغير ، لم يلوثوا مادتهم الاصيلة في علاقاتهم مع غيرهم رغم مخالطتهم لأناس ' حراميين ' بلغة اهالي النيل  ،واحتفظوا بالبساطة في كل شيء  بها  يشعرون بمتعة  الحياة  للعلاقة  الازلية بين الجمال والبساطة ،فكلّما زادت البساطة زاد الجمال ، ولا نحتاج لكل التصنيع والتصنع  في كلّ شيء كي تظهر  الوجوه الجميلة .

بالشاي يستقبلونك وتنزل ضيفا  سهلا  عليهم ،وبمقرات عملهم ترى عجبا اخر، صنعوا للناس  منذ القديم مشغولات يدوية من طين وطوعوا اتربة الواحات والجبال لمصنوعات يدوية ،والزائر لورشات صناعة الفخار سيدرك ان الحياة حقا ليست بالأمر الهين الذي نتصوره، بالألم يبدعون ،وفي سن الشيخوخة يحلمون و ينتظرون ان تبسم لهم  الحياة  ذات يوم ليتلذذوا  بنعيمها ولو قليلا ..حسرة وتحسر على عمر مر اغلبه في الطين و الخواء،الجد في الطين والاب في الطين وورثوا الطين وورثوه لأبنائهم اعتنقوا البساطة للعيش وللأسف لم تعانقهم الحياة كثيرا في هذه الارض .