محسن الأكرمين - مكناس / متابعة
 
فنحن جميعا قد نصير أيتاما بسوء صدفة حادثة موت، بعدما كنا في أرض الأحياء نمارس حياتنا العادية حتى ولو بتدني كرامة العيش، بهذه العبارة كانت بداية خطاب صديقي عبر الهاتف بعد الحادثة الأليمة بمدينة الحاجب. من حسن الإيمان سبق الدعاء وصلاة غائب على تلك الأرواح التي ساقتها الأقدار وحظها العاثر أن تتواجد أمام تلك الشاحنة المعطوبة المتجهة نحو المنحدر الغائر. من سوء المتابعة أن (خبر عاجل) أصبح في صحافتنا والمواقع الاجتماعية مرادفا لحوادث السير والانتحار والتشرميل... من سوء إقلاع و توافد الخبر (العاجل) ذلك التناقض في صدق المعلومات وتعداد الموتى والجرحى وكأننا في سوق (الدلالة). من سوء العادات الدخيلة على ثقافتنا الاجتماعية المغربية أننا بتنا نتابع بشغف حوادث السير المميتة والقتل والانتحار والاغتصاب بتلهف مستطيل وقد نختم تلك المتابعة بعلامة (جيم) !!!
 
قد نلعب السبق في نقل الأعراض الناتجة عن أي حادث ولو بالتنوع، فيما إقليم الحاجب لا يزال يعيش عزاء مروعا بالبكاء و التأسي، قد نتناسى الحادث بالسرعة ونصل إلى مخالطي (لالة ميمونة)، لكنا نبقى لا نحلل الأسباب والمسببات التي أدت إلى حادثة إقليم الحاجب ولمخالطي (لالة ميمونة)، بتنا نختم كتابتنا بأن تحقيقا على مستوى رفيع قد فتح لمعرفة الأسباب و المسببات، لكن بيني وبينكم لم أطلع قط ولو لمرة عن مجريات تلك التحقيقات، لم أتابع منها توصيات سديدة ملزمة للدولة بإنشاء طريق جديدة وبديلة، بل تنتهي الحوادث بترك القتلى بمستودعات الأموات، والمجروحين بأقسام الاستعجال العمومية للمستشفيات.
 
بين إقليم الحاجب ولالة ميمونة مسافة طويلة وبون في أسباب تفاقم الوباء وحادثة شاحنة البطيخ، لكنهما يشركان في لون الفاكهة ذات اللون الأحمر، يشتركان في سوء سياسة التدبير والتحصين السليم لحفظ الأرواح والأنفس. لنعد إلى بوابة الأطلس المدينة الرائعة ذات الساكنة الطيبة الشامخة بعلو الجبل، منذ زمن ونفس الطريق تحصد الأرواح وتخلف الإعاقات المتكررة، تلك الطريق أصبحت تشكل عنصرا قاتلا بقوة وأنت تجتاز إقليما هادئا.
 
طريق تشهد على شهداء أرواح الفيضانات، حملت أرواحا متعددة إلى المقابر، وإن أردنا نصب تذكار لكل تلك الأنفس التي قبضت تحت حديد المركبات أو الفيضان لباتت هوامش تلك الطريق كأنها أنصب تذكارية من تاريخ الموت الفردي والجماعي. فأين هي يا ترى وزارة التجهيز؟ أين هي الجهة (فاس مكناس) والتي لم تستطع ترك بصمة كبرى في إقليم الحاجب، والذي لا يستفيد بالتمييز الإيجابي من دعم الجهة ولا من المال العام للدولة.
 
إقليم الحاجب يرفض التعزية في موتاه وبكاء الناحب، إقليم الحاجب يريد طريقا سيارا، يريد هندسة جديدة لأجنة الطرق المحورية خارج المدارات الدائرية للمدينة، يريد تنمية بمعادلة الإنصاف وتكافؤ الفرص بين مدن الجهة التسعة، يريد أن يصبح من مدن السياحة والفلاحة الصناعية، يريد مدينة المؤسسات المعاهد التعليمية الكبرى لا أن يبقى من مدن العبور. مدينة الحاجب تدفن موتاها في زمن "كورونا" بسكون وصمت حكومة، الحاجب باغية حقها من التنمية العادلة، وعيش كرامة العقد الاجتماعي، باغية حقها من المال العام الجهوي والوطني المخصص لبناء القناطر والأنفاق.