محسن الأكرمين

تحفة من زمن صنع بالمغرب وبالضبط بمدينة مكناس، تحفة  لازالت تطاردنا بحضورها الفجائي من الماضي القريب وبإشعاع زمن مدينة بالخير الفياض. ولن ينساها المجتمع بمكناس خاصة النساء، ولا حتى الوطني، وتبقى (زيت مائدة النسر) حاضرة في الذاكرة الجمعية بمكناس، وتمثل تحفة صنعت بها الأمهات والطباخات أحسن الأطعمة المكناسية لذة.

قد نعتبر (زين النسر) من الثقافة الباقية من جيل الستينات وما فوق، قد نعتبر (زين النسر) من الصناعات الوطنية التي تفردت مكناس بها، ومنها كان مكناس يعلن منافسته الاقتصادية والإنمائية على الصعيد الوطني بالتسويق والذكر. قد نعتبر زيت المائدة برمز النسر شعارا كان حاضرا بالمدينة باللزمية، وعند الأسر والساكنة عموما. قد نعتبر (زين النسر) رمز أسرة وطنية نمّت طاقتها المقاولاتية الذاتية، وصنعت رمز التنمية (النسرية) العصامية وبلا مناوشات جانبية، ولا باصطحاب السياسية العقيمة.

 هي الصورة (النسر) الأحمر التي كانت أقمصة النادي المكناسي فرع كرة القدم  تتزن بها وتعيش بها طعم الاحتضان البنائي. هو لعب النسر في الملعب البلدي والشرفي، الذي حلق عاليا في نجومية كرة القدم، و قد ساهمت (عائلة النسر) بقوة في تغطية مستلزمات المسيرة الخضراء من جانب التغذية والدعم المالي. 

عثرت على هذه التحفة الأثرية صدفة، حينها استرجعت الذكريات وأنا أشتريها صغيرا من عند (عمي لحسن السوسي) رحمه الله بحي الزيتون الجبابرة، تذكرت أنه كان يبيعنا هذه النوعية من الزيت بالتفضيل وهو يقول: (زيت المدينة) وصاحب المصنع من عائلتي.

النسر قد تكون أجنحته قصت فيما بعد بمجموعة إكراهات، لكن مكان المعمل بسيدي سعيد لازال شاهدا على ذاك الزمن الذي كانت مدخنات المعمل لا تخبو من الاشتعال والاشتغال . الآن، لن نبكي أو نتباكى عن ذاك الزمن بإخفاقاته ونجاحاته الكلية،  ولكنا آثرنا استحضار الذكريات التي لا تروح من أرواحنا للذكرى فقط ثم للتوثيق، ثم  لمّا لتحفيز الصناعات المحلية والوطنية بتسعيرة الجودة والمعامل المواطنة والرياضة، بعيدا عن السياسة والتحكم اللوبي المتشبك. 

تحية لأسرة آل مولاي مسعود، وبالرحمة على صانع رمز النسر. تحية لمن كانوا قدوة في الصناعة الغذائية والمحلية، تحية لمن كانوا لا يردون يدا ممدودة إليهم بالتضامن والتآزر وبلا صور تشهير، ولا بيع ولا شراء في ذمم الانتخابات. تحية لهم جميعا وبدون تمييز حين أينعت الرياضة في زمن (زيت النسر) عاليا وصنعت النجوم الكبار، حتى وإن لم تتحقق الألقاب، فقد كان الفريق لا يلحقه العجز المالي.