نظمت وكالة التنمية الاجتماعية بشراكة مع اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بإقليم الرشيدية ووزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية يوما دراسيا حول موضوع: المشروع الجمعوي، أي مساهمة في تحديد أدوار الجمعيات في دينامية التنمية المحلية وتعزيزها، وافق يوم الخميس 02 من شهر يونيو من العام 2016، وأُجري بقاعة فلسطين التابعة لبلدية الرشيدية .
انتظمت القاعة مقاعدها في مسار شكل مستطيل أرسيت في أحد عرضيه طاولة التسيير تقابلها شاشة العروض في العرض الآخر. وقعد الحاضرون في مقاعد اصطفت طولا بشكل يمكنهم من رؤية المسيرين في الجانب والشاشة في الجانب الآخر. برز دور طاولة التسيير في الافتتاح وبالإفصاح، من لدن المسير، أن «اليوم الدراسي يندرج في إطار برنامج الارتقاء لتأهيل الجمعيات في إقليم الرشيدية»، قبل أن يعطي الكلمة لممثل اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية الأستاذ حسن بن ناجي الذي أشار إلى «أن الاجتماع يستحضر مجال تدخل الجمعيات المتنوع وما تجسده من قوة اقتراح فاعلة، ويعتبر الجمعيات مدرسة للتضامن، وغيرها من القيم النبيلة»، ويستحضر «الدستور المغربي في فصله 12 ليزكي أدوار المجتمع المدني في المساهمة في قضايا الشأن العام. وإن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية كورش ملكي مفتوح، ومن حلال دلائل مساطرها، جعلت من الجمعيات، منذ انطلاقها، شريكا أساسيا ومكونا لأجهزة حكامتها، لذلك استلزمت تمثيلية المجتمع المدني بنسبة الثلث في اللجان المحلية للتنمية البشرية، كما في اللجان الإقليمية للتنمية البشرية باعتبار هذه الأجهزة يعهد لها بالدراسة والمصادقة على المشاريع، ونظرا للأدوار الهامة المنوطة بجمعيات المجتمع المدني، فإن المزيد من تأهيلها يشكل انشغال اللجان الإقليمية وشركائها. وفي هذا الإطار يندرج هذا المشروع الخاص بتقوية المجتمع المدني وتأهيله بإقليم الرشيدية والمسمى برنامج برنامج الارتقاء والتقوية في إقليم الرشيدية » . وفي العقبى تناول الكلمة ممثل الوكالة الاجتماعية، وفي هذه الأثناء تذكر المسير أنه لم يعرض برنامج اللقاء، لذلك نشأ يتلو البرنامج، ولما ذكر بالبرنامج الذي يحوي ملف المشاركة نسخة منه، أخذ الأستاذ حميد نواري الكلمة، بما هو ممثل الوكالة الاجتماعية: «أود أن أشير، فقط، إلى السياق العام لهذا اليوم الدراسي في إطار برنامج الارتقاء والتقوية سابقا، وهو موضوع شراكة بين الوكالة الاجتماعية واللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، ووزارة الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية، البرنامج الذي شهد مجموعة من المراحل والمحطات لا شك أنكم أنتم أنفسكم شاركتم فيها، ضمن التشخيص التشاركي الذي أجري على 360 جمعية بإقليم الرشيدية، مرورا ببلورة المخطط الإقليمي لتقوية قدرات الجمعيات على مستوى إقليم الرشيدية. ومن أهم محاور المخطط الإقليمي المذكور: مجموعة من الدورات التكوينية، ومجموعة من الأيام الدراسية، ومجموعة من الزيارات لتبادل الخبرات، وحصل استخلاص مجموعة من المحاور نخالها استجابة للإشكالات، ومجموعة من الأهوال التي تعاني منها الجمعيات في الإقليم»، وخلص الأستاذ حميد نواري إلى مجموعة من الملاحظات في شأن التشخيص الذي أجري على المجتمع المدني بإقليم الرشيدية، «والمرحلة في طور تنزيل البرنامج، وقد تعقبها مرحلة زيارة الخبرات تبادلها في العقبى»، وحسب الأستاذ حميد نواري «لقاء يومه للنقاش والتواصل، والذي يعتبر هاما جدا مادام ينصب حول دور الجمعيات في دينامية التنمية المحلية»، دون إغفال المستجدات الحاصلة في هذا المجال «وإننا لنأمل أن تغنوا تطلعاتنا بآرائكم واقتراحاتكم لتعميم الفائدة»، ولا شك أن الكلمة الافتتاحية للأستاذ حميد نواري لتذكر بالبرنامج وشركائه، والسياق العام الذي أتى فيه هذا اللقاء الدراسي الذي يندرج أيضا، وضمن مكوناته، تكوين قدرات الفاعلين الجمعويين بإقليم الرشيدية.
انتقل المسير مباشرة إلى الطور الثاني من اللقاء فأعطى الكلمة للأستاذ محمد بومليك ليقدم مداخلة حول «المشروع الجمعوي: المفهوم، والمبادئ، والأهداف». ذكر في البداية أن مداخلته تحوي مجموعة من الأسئلة المستفزة «للإجابة عليها على اعتبار أن الجمعية والمشروع الجمعوي طابعهما إشكالي»، وأفصح أنه سيعدل موضوع مداخلته بأن يركز على الوظائف بدل الأهداف. تناول في البدء تعريف الجمعية القانوني، إن هي إلا اتفاق «بين شخصين أو أشخاص لتقديم مجموعة من الخدمات، عبر استخدام معلوماتهم ونشاطاتهم لغاية غير الربح»، أي: «إن تأسيس الجمعية يفترض عمليا نوعا من التوافق ما بين مكونات الجمعية»، والجمعية تأتي، في نهاية المطاف للإجابة على إشكالات معينة «مطلوب الوعي بها من قبل»، كأن تكون الإشكالية ذات الصلة بالمجال الترابي، أو ذات الصلة بقضية ما حدودها ونوعها، وبالتالي،«حسُن اكتساب رؤية إستراتيجية لحل هذا المشكل في أوان زماني معين» كنحو الحد من آثار الفقر، والهذر المدرسي، إن تعذر القضاء على الظاهرة نهائيا، وبعبارة أخرى وجب تصنيف أهداف معالجة إشكال ما إلى أهداف قريبة المدى ومتوسطة المدى، وبعيدة المدى، الأهداف الواضحة تستصحبها الرؤية الإستراتيجية. تلك هي إذن خصوصيات المشروع الجمعوي. وحسِب الأستاذ محمد بومليك «المشروع الجمعوي نتاج تفكير جماعي حول الجمعية (قيمها، مبادئها، أهدافها...) ومنهجية الوصول إلى ما تريد تحقيقه، انطلاقا الوضعية الحالية، ويعتبرها وثيقة مرجعية للجمعية تحدد المبادئ والقيم الأساسية للجمعية وهويتها»، وخاله أيضا أنه «يشكل إطارا لتدخلات الجمعية، وخارطة تحدد فلسفتها العامة، وتوجهاتها الاستراتيجية، وفهمها لواقع المجال الذي تشتغل فيه، إكراهاته ، وكذا مقترحاتها لتحسين أو تغيير هذا الواقع.المشروع الجمعوي هو ترجمة للمشروع المجتمعي الذي يؤمن به أعضاء الجمعية»، ويجيب المشروع الجمعوي، فوق ذلك، على ثلاثة أسئلات: من نحن ؟ وإلى أين نريد أن نصل ؟و كيف سنصل إلى ذلك ؟ وانتقل إلى وظائف المشروع الجمعوي إذ «يعد بمثابة بوصلة يقود الجمعية نحو الاتجاه الذي رسمه أصحابها»، و«يساعد على تأطير أنشطة الجمعية وبرامجها»، و«يساعد على تقديم صورة الجمعية وتسويقها»، و«يساعد على تحديد نقاط مرجعية لكل أطراف الجمعية (منخرطين، متطوعين، مداومين ....). واسترسل في تفسير مراحل بناء المشروع الجمعوي انطلاقا من القاعدة المأثورة «إذا كنت لا تعرف إلى أين تسير فكل الطرق تؤدي إلى هناك»، وختم بكيف الأجرأة، وصياغة مخطط العمل والتقييم. وباختصار، تناول الأستاذ محمد بومليك، تعريف الجمعية بما هي الإجابة عن إشكال معينة، ونجاح الجمعية يقضي اكتسابها المشروع الجمعوي الذي يعطي الجمعية هويتها، ويؤهلها لا كتساب خريطة الطريق. ومن خلال المشروع الجمعوي تحدد بعض الأسئلة التوجيهية الأساسية، والمشروع الجمعوي يؤطر العمل. وختم ببناء المشروع وصياغة المخطط، والتقييم.
تناول الكلمة بعد ذلك السيد لحسن رباش، عن مديرية وكالة تنمية الواحات وشجرة أركان، لتقديم موضوع «دور الجمعيات في دينامية التنمية المحلية». أشار إلى الحضور: «إذا تابعتم مداحلة السيد محمد بومليك تلفون أنها صميمية، مفادها أن المساهمة في التنمية المحلية لا تتحقق على المستوى النظري، وأما مداخلتي فتسائلني عن أي دور الجمعيات في دينامية التنمية المحلية؟. وكلنا يعرف أنه يتعذر التفريق بين الديموقراطية التشاركية والديموقراطية التمثيلية على المستوى العالمي. ومادامت الدينامية متقاربة فلا بد لها من التفاعل. وللمجتمع المدني دور متميز على المستوى الحقوقي وله نفس الدور على مستوى التمنية لذلك يحصل التكامل بين ما تقترحه الدولة والمؤسسات على مستوى التنمية والحقوقي ولذلك يتفاعل معها المجتمع المدني على مستوى الاقتراح وهو الدور الأول. وليس الاقتراح ذا طابع كمي إنه اقتراح ذا طابع كيفي. ويتميز الاقتراح بالإبداع والتجديد والخلق والابتكار والتميز. ومعنى ذلك أن كل جمعية مدعوة لتختلف كلية مع جمعية أخرى»، وأما المستوى الثاني فهو «مستوى التعبئة والتنظيم والتحسيس. ولما كانت الجمعية أقرب إلى السكان، ولها علاقة يومية مع السكان، فإنها تساهم بذكائها في التنظيم الديموقراطي، والتحسيس والتعبئة، وتنخرط في المساهمة في الحلول على المستوى العمومي. وتأتي الأفكار والتجديد المعرفي في المستوى الثالث على المستوى المنهجي والنظري، وعلى مستوى الآليات. والغريب أننا نلفى في واقعنا تشابه الأفكار والمشاريع، إذ تنسخ هذه الجمعية عن تلك. فلما لا نأخذ عن الجمعية الآليات والمنهجية فإنها تموت يوميا. وفي المستوى الرابع نلفى الحكامة والتدبير التشاركي، إن كانت الجمعية تجدد مكاتبها،[نسي ذكر المستوى الخامس التنسيق والتضافر في الجهود]، وفي السادس المرافعة بشكل جاد ومقنع على مستوى القوانين والمشاريع والسياسات. ولقد ظل دستور 2011 يؤكد هذا الحقل، إذ ينادي الفصل 12 من الدستور[لم يذكر عما ينادي إليه] ويقر بهذه المساهمة، وما أحوجنا أن ترافع جمعياتنا على مستوى المناخ والتنمية والبيئة والديموقراطية. وبذلك نصنع مجتمعا تتكافؤ فيه الديناميات، وفي الأخير تأتي المهارات والتقنية المعرفية حيث تصنع المعرفة ذكاء جماعيا وتقدر على الإجابة على الإشكالات، وتقدر على المساهمة في الاقتراح الجدي. وأما الإستراتيجية فقد سلف للأستاذ محمد بومليك أن أثارها». ولقد أعاد المسير ذكر المستويات الخمس دون أن يعقب علية الأستاذ لحسن رباش.
أعطيت الكلمة للسيد عبد النبي تعلوشت ليلقي مداخلة حول «دور الجمعيات في بناء السياسات العمومية وتتبعها وتقييمها» تساءل في البدء « لماذا كل هذا الاهتمام بالمجتمع المدني؟». أتى الاهتمام بالمجتمع المدني لعدة أسباب أهمها:
- وجود تحولات عميقة وسريعة شهدها المجتمع العالمي بقيادة المجتمعات الغربية والتي أفضت إلى الانتقال من حكم مركزي Régime Jacobinتسيطر فيه الدولة إلى حكم قائم على تعدد و اختلاف الفاعلين.
- تبني المغرب لسياسة اللامركزية واللاتمركز للتخفيف من العبء الملقى على عاتق السلطة المركزية عبر إسناد المهام التنموية للجماعات الترابية.
- تغيير في مسار الديمقراطية والحريات العامة وخصوصا حريات تأسيس الجمعيات والنقابات، إذ حصل التطور الكمي والنوعي للمجتمع المدني وكان العدد الهائل للجمعيات.
- الحراك الذي عرفه المغرب والذي أفضى إلى ترسيم دور المجتمع المدني على مستوى الدستور المغربي 2011 (دسترة المغرب للتكامل بين الديمقراطية التمثيلية و، الديمقراطية التشاركية).
وبعد ذلك انتقل الأستاذ عبد النبي تعلوشت إلى تعريف مفهوم المجتمع المدني، ليشير أنه «تلك التنظيمات التي تتكون من الجمعيات والمنظمات الغير حكومية والتي تقع بين الأسرة والدولة والقطاع الخاص وتعمل باستقلال عن السلطة والتنظيمات الحزبية والنقابية ... والخاضعة في تأسيسها للمبادئ الديمقراطية ومقتضيات القانون والتي تتعاون أيضا لتحقيق الأهداف غير ربحية». والمجتمع المدني «إطار للتربية على المواطنة يستند على مرجعية قيمية ثقافية فلسفية فكرية: الاستقلالية والديمقراطية والمواطنة والحكامة الجيدة وحرية المبادرة والتضامن والمشاركة والتسامح والتطوع ... ».
والسياسات العمومية مفهوم يفيد ما ينبلج في العناصر التالية:
- مجموعة منسجمة ومنظمة من الخدمات العمومية تتمفصل حول هدف معين استراتيجي تحدده جماعة معينة ومنطقة ترابية محددة.
- مجموع التدخلات المقررة من طرف سلطة عمومية قصد حل مشكل يدخل ضمن اختصاصه
- مجموعة معقدة للتدابير العمومية المتعددة (التوجهات، التصريح الحكومي،القوانين، البرامج، المعايير، الإجراءات، المراسيم والأنظمة ...) يجري تصميمها وإعدادها وتنفيذها من طرف مجموعة من السلط العمومية تتقاسم هدفا مشتركا تسعى للإجابة عن وضعية تعبر عن إشكالية يحددها سياق معين .
وانتقل عقب ذلك إلى شريحة (slide) الآليات الدستورية لإعداد السياسات العمومية وتتبعها وتقييمها ليقف في البدء عند ملتمسات التشريع، ويقول: ورد في الفصل 14 ما يلي: «للمواطنات والمواطنين وضمن شروط وكيفيات يحددها قانون تنظيمي الحق في تقديم ملتمسات في مجال التشريع». ويضيف: يُقصد بالملتمس في مجال التشريع: «المبادرة التي يقوم بها المواطنات والمواطنون في مجال التشريع تطبيقا للفصل 14 من الدستور، والتي تتلخص في تقديم ملتمس إلى البرلمان يتضمن مقتضيات من أجل التشريع في مجال القانون بهدف المساهمة في إعداد السياسات العمومية على الصعيد الوطني عبر المساهمة في التشريع». ويظل الملتمس آلية دستورية تمكن الجمعيات، خصوصا، والمواطنات والمواطنين من المساهمة في إعداد السياسات العمومية بإعداد مشاريع قوانين تسعى إلى تطوير الترسانة القانونية.
وأضاف إلى جانب ملتمسات العريضة الشعبية، إذ ورد في الفصل 15 من الدستور: «للمواطنين والمواطنات الحق في تقديم عرائض إلى السلطات العمومية ويحدد قانون تنظيمي شروط و كيفية ممارسة هذا الحق». والعريضة هي «اقتراح وتظلم أو ملاحظة يتقدم بها المواطنات والمواطنون من داخل أو خارج الوطن بشكل فردي أو جماعي إلى السلطات العمومية, بهدف تأمين جواب في موضوع معين». ويمكن أن يساهم المجتمع المدني بهذا المعنى في رسم السياسات العمومية من خلال السعي إلى إقرار، أو تغيير، وضع قامت به سلطات عمومية عبر العريضة الشعبية.
وفي شريحة (slide) أخرى أورد العنوان: «هيئات التشاور العمومي» والتي فسرها بما حواه الفصل 12 من الدستور : «تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام، والمنظمات غير الحكومية، في إطار الديمقراطية التشاركية، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، وكذا في تفعيلها وتقييمها. وعلى هذه المؤسسات والسلطات تنظيم هذه المشاركة، طبق شروط وكيفيات يحدد القانون». وأضاف إلى ذلك ما نص عليه الفصل 13 على ما يلي : «تعمل السلطات العمومية على إحداث هيئات للتشاور قصد إشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في إعداد السياسات العمومية وتفعيلها وتنفيذها وتقييمها»، دون إغفال الفصل 139 الذي يفيدنا بالحرف : «تضع مجالس الجهات والجماعات الترابية الأخرى آليات تشاركية للحوار والتشاور لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين والجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها».
- وعن العريضة المحلية ورد في الشريحة (slide) أن نص الفصل 139 من الدستور على أحقية الجمعيات المحلية في المشاركة في تدبير الشأن المحلي بمطالبة المجلس لإدراج نقطة تراها ضرورية في جدول أعمال المجلس. ويمكن للمواطنات والمواطنين والجمعيات تقديم عرائض الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصاته ضمن جدول أعماله.
وبصدد إعداد تقييم السياسات العمومية أورد بعض الآليات المدنية من ذلك «المساءلة المدنية للمؤسسات العمومية من مجالس منتخبة»، و«سلطات عمومية، وفق منهجية وقواعد تتأسسان على تغليب المصلحة العامة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة»، و«التواصل والحوار بشأن حصيلة تنفيذ برامج و مشاريع التنمية وكل مايخص القرارات التدبيرية والمالية لمناحي الحياة العامة: منتديات موضوعاتية، ندوات صحافية، مذكرات مطلبية...»، دون التغافل عن الإشارة إلى «العضوية في هيئات الحكامة، بشكل يمكن للمجتمع المدني من المشاركة في جميع مراحل إعداد السياسات العمومية واتخاذه وتنفيذه وتقييمه وتقاسم المسؤولية مع مختلف هيئات ومصالح الدولة في إطار من التضامن والتعاون»، و«خلق فضاءات عامة للحوار مع الساكنة من تأطير الجمعيات المدنية للانصات وتبليغ مطالبها»، و«التعاون مع المؤسسات العمومية عبر تقديم الخبرة الميدانية و إعطاء الاستشارة فيما يخص المواضيع ذات الطابع الإجرائي والمشاركة في وضع التشخيص التشاركي عبر لجان استشارية للمرافق العامة المحلية، والاستقرار التشاوري ( تشخيص القرب )»، و«مجالس للأحياء باعتبارها آلية موازية للمجالس المنتخبة تهدف إلى تعزيز الديموقراطية التمثيلية عبر الاشتراك الفعلي و المباشر للمواطنين في تدبير الشأن المحلي ومراقبة المالية العامة و متابعة تنفيذ الاستثمارات الاجتماعية والاقتصادية».
- الموازنة التشاركية (الميزانية الشفافة- تتبع الميزانية): نوع من المشاورة الديمقراطية يقرر الأشخاص العاديون من خلالها كيفية تخصيص جزء من الميزانية البلدية أو العامة , وتسمح للمواطنين بتحديد ومناقشة مشروعات الإنفاق العام و تحديد الأولويات الخاصة بهم وتمنحهم السلطة لاتخاذ القرارات الفعلية حول المبالغ التي يتم إنفاقها في مختلف الميادين,
- الفعل الاحتجاجي خصوصا في مرحلة المرافعة لاعداد السياسات العمومية وإدراج المطلب الاجتماعي ضمن أجندة الدولة عبر: المنتديات الموضوعاتية، الندوات الصحافية، الوقفات والمسيرات الشعبية ... وهي من الآليات التي ساهمت في تطوير السياسات العمومية خصوصا مع حركة 20 فبراير بالمغرب، والتي لا تتنافى مع روح الدستور ومبادئه ومرتكزاته. وضمن الآليات المدنية لتقييم السياسات العمومية أضاف المتدخل العناصر التالية:
- خلق مراصد لتتبع العمل البرلماني والحكومي وتقييمهما، وإصدار تقارير دورية أو سنوية حول ذلك.
- خلق مراصد لتتبع الشأن المحلي داخل الجماعات الترابية وتقييمه، وإصدار تقارير دورية أو سنوية حول ذلك.
- وحوت الشريحة (slide) الموالية «دور المجتمع المدني في مراحل السياسات العمومية»، مبتدئا بمرحلة الإعداد والتي تقضي «المرافعة والنضال عبر عدة آليات مدنية في وضع مطلب اجتماعي معين ضمن اهتمامات و أجندة الدولة و ذلك» عبر العناصر التالية:
- تحديد نوع المشكل أو المطالب المطروحة.
- التعريف بأسبابها و درجة خطورتها .
- توضيح الصورة بشكل أفضل للأجهزة الرسمية حتى تستطيع الإلمام بمختلف المطالب و المشاكل المطروحة و الوقوف على أسبابها الحقيقية , مما يسهل تحديد نوع و شكل التدخل في معالجة المشكل.
- وعقبت مرحلة الإعداد مرحلة تفعيل السياسات العمومية، بما هي «تعبر عن استجابة الدولة للمطلب الاجتماعي نتيجة مرافعة المجتمع المدني ونضاله من أجل وضع هذا المطلب أو ذاك ضمن أجندة الدولة حيث تعمل الدولة على تخصيص الموارد وتحديد الأهداف والأولويات مع إعداد مجموعة من البدائل والتوقعات بخصوص جدوى هذه البدائل وتحديد تكلفتها للتمكن من اختيار البديل الأفضل»، إن لم تكن «هي مرحلة حساسة من مسلسل حياة السياسة العمومية حيث تبنى على طريقة ونمط اتخاذ القرار السياسي اللذان يطيعهما التعاون و التشاور والتوافق بين الدولة والمجتمع المدني». و«يلعب المجتمع المدني دورا محوريا في هذا الاختيار باعتباره أكثر قربا للساكنة وأكثر استيعابا لمشاكلها الاجتماعية وأكثر انتشارا جغرافيا وتأهيلا بشريا»
وتأتي مرحلة تنفيذ السياسات العمومية في المقام الثالث و«هي المرحلة الأهم في إنتاج السياسات العمومية حيث يجري تنزيل الحل الذي حصل اختياره من عدة حلول على أرض الواقع». ويساهم المجتمع المدني في إرساء هذه المرحلة من خلال :
- أولا : اليقظة المتجددة في احترام المعايير و المقاييس التي تضعها السلطة العمومية لإنجاز أو تنفيذ المطلب الاجتماعي فيتحول بذلك المجتمع المدني إلى آلية رقابية تسعى إلى تحقيق الجودة المطلوبة والحكامة في التنفيذ. والمحاسبة المصاحبة للمسؤولية.
- ثانيا : التخفيف من حدة ردود الفعل التي قد يواجه به تنفيذ مطلب اجتماعي معين ( الرفض . الاستنكار, السخط ...).
وعقب التنفيذ هناك مرحلة تقييم السياسات العمومية المتجلي في العناصر التالية :
- هي مرحلة جوهرية في حياة السياسة العمومية والأداة الكفيلة بإعطائها حسا وقيمة مضافة من خلال قياس مدى قدرتها على الاستجابة لمطلب اجتماعي.
- يعتبر تقييم السياسات العمومية مدخلا أساسيا نحو بناء ترسانة المحاسبة والمساءلة عبر طرح مجموعة من التساؤلات في اتجاه بناء وجهة نظر مجتمعية حول مدى إجابة واستجابة سياسة عمومية لحاجيات المجتمع.
- يعتبر تقييم السياسات العمومية مدخلا أساسيا نحو بناء ترسانة المحاسبة والمساءلة عبر طرح مجموعة من التساؤلات في اتجاه بناء وجهة نظر مجتمعية حول مدى إجابة سياسة عمومية لحاجيات المجتمع واستجابة لها.
- يتجلى الدور الهام للمجتمع المدني في مرحلة التقييم في الوقوف على مدى نجاعة السياسة العمومية في قطاع معين و تحقيقها للنتائج التي وضعتها من خلال رسمها للأهداف في بداية رسم السياسة العمومية،وبالتالي الحفاظ على المال العام من التبدير ،كما يعتبر آلية للمحاسبة والرقابة الإجتماعية .
أو ليس لإشراك المجتمع المدني في إنتاج
السياسات العمومية معوقات؟
بلى، هناك العوائق المرتبطة بالفاعل الجمعوي كالتالي:
- ضعف توفر الفاعل الجمعوي على خبرات و كفاءات ذات تكويني قانوني فمعظم مؤسسات المجتمع المدني تفتقر لتكوين قانوني يساعدها في أداء المهام المطلوبة على الوجه الأسلم خصوصا في مجال تقديم العرائض و ملتمسات التشريع.
- ضعف التأهيل وبنيات الاستقبال الخاصة بهيئات و منظمات المجتمع المدني .
- ضعف التمويل والدعم العمومي وعدم القدرة على تعبئة الموارد .
- ضعف الديمقراطية الداخلية داخل الجسم الجمعوي والحكامة والشفافية في التدبير الإداري للعديد من الجمعيات.
- عدم قدرة الفاعل الجمعوي على الوصول إلى المعلومة، وعدم تفعيل الحق في الوصول إليها كما ينص على ذلك الدستور.
- سيطرة قيم اجتماعية وثقافية تقليدية تقف حجر عثرة في طريق تحقيق التنمية المحلية.
- سيادة نسق قيمي سلبي له اليد الطولى في توجيه السلوك والدوافع والانجاز نحو الفعل الاجتماعي المحلي الموجه للتنمية المحلية.
وهناك «عوائق تتعلق بالمؤسسات العمومية والهيئات المنتخبة» والتي جذذها كالتالي :
- غياب، أو ضعف، التواصل في موضوع السياسات العمومية بين الفاعلين الاجتماعيين والمؤسسات العمومية و المنتخبة .
- غياب تمثيلية للمجتمع المدني في مؤسسات الدولة المتدخلة في السياسات العمومية.
- ضعف الإرادة لدى هذه المؤسسات لتفعيل الديمقراطية التشاركية خصوصا فيما يتعلق بتفعيل دور المجتمع المدني في تفعيل و تنفيذ و إعداد وتقييم السياسات العمومية .
- توجس وتخوف الدولة والفاعل الجماعاتي من المجتمع المدني من أن يشكل هذا الأخير رافدا لمطالب الحركات الاحتجاجية وحليفا لها، وبالضبط في أن يتحول إلى سلطة مضادة، وإلى مجال لاستنبات قيم المواطنة والدفاع عن الحقوق وأسلوب التعاقد المفضي إلى المسؤولية.
وهناك هشاشة الديمقراطية التشاركية وعدم قدرتها على التخلص من هاجس التحكم والضبط و تغليب المقاربة الأمنية على حساب الهم التنموي وبقائها أسيرة أجندة السلطة المركزية التي يكون همها الأساسي هو الضبط الاجتماعي بما تمتلكه من أدوات مختلفة.
وهناك ضعف إرادة الدولة في إدخال فاعلين جدد إلى تدبير السلطة والشأنين المحلي والعام وسيطرة التحكم والاحتكار لديها في هذه المجالات.
وختم الأستاذ عبد النبي تعلوشت مداخلته بعوائق تتعلق بالنصوص الدستورية المؤسسة للديمقراطية التشاركية، وهي كالتالي:
- الغموض القانوني خصوصا ما يتعلق بتقديم العرائض وملتمسات التشريع مما يتطلب تأويلا ديمقراطيا للدستور يضمن حق المجتمع المدني في تقديم العرائض وملتمسات التشريع، وإنهاء الجدل القانوني حول تأويل الجهة المخول لها هذا الحق هل يتعلق الأمر بالمواطن فقط عموما أم بالفاعلين الاجتماعيين والمواطن معا.
- تغاضي المشرع عن طبيعة الآليات الدستورية التي تحقق مساهمة المجتمع المدني في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة و السلطات العمومية وكذا تفعيلها وتقييمها وعدم وضوح الإطار المؤسساتي المنظم لها.
- عدم وضوح طبيعة آليات الحوار والتشارك وهيئات التشاور المذكورة في الفصل 13 و139، وربط إحداثها بالسلطات العمومية والجماعات الترابية، دون التنصيص على إلزامية ذلك، وربط هذه الأحداث بنص قانوني، مما قد يفتح المجال للإرتجالية والمزاجية التي تطبع العمل الجماعاتي والمؤسسات العمومية.
- غموض مفاهيمي في تحديد المصطلحات الآتية: الإعداد – التفعيل – التنفيذ – التقييم في مجال السياسات العمومية، وعدم تحديد دور المجتمع المدني في هذه المراحل، مما قد يفرغ مضمون المشاركة من محتواها الحقيقي ويحولها إلى شكل بدون مضمون .
- الحديث عن دور المجتمع المدني في إعداد وتنفيذ وتفعيل وتقييم السياسات العمومية لم يؤطر بقانون تنظيمي كما هو الأمر في تقديم العرائض وملتمسات التشريع .
- إسناد أحداث هيئات التشاور وآليات الحوار والتشاور للسلطات العمومية ومجالس الجهات والجماعات الترابية دون الحديث عن كيفية هذا الإحداث وطبيعة هذه الهيئات والآليات ومهامها بتفصيل وحدود عمله.
وختاما، وكما هو مضمن في أرضية اللقاء، بات موضوع التنمية وعمليتها في صلب اهتمام «جميع الدول المتقدمة والنامية». ولا غرو، فقد «شهد العالم تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية وبيئية كان لها تأثير على دور الدولة بصفة عامة، وعلى دور المؤسسات المحلية بصفة خاصة، في عملية التنمية». ويجمع هذه التحولات قاسم مشترك يسوده السير في اتجاه اقتصاد السوق «وتطور دور القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية». وفي خضم هذه التحولات خلل استغلتها مؤسسات المجتمع المدني وأضحت «تقوم بدور كبير في تحقيق التنمية المحلية». ولم يعزل المغرب عن هذه التحولات لذلك حضرت بقوة في دستور 2011 الفصل 13، والفصل 14، والفصل 15، والفصل 139، القاضي بإحداث آلية (آليات) تشاركية للحوار والتشاور للمساهمة في إعداد برامج التنمية وتتبعها، والقاضي بإمكانية تقديم عرائض الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصاته ضمن جدول أعماله. ورغم حضور التحولات التي استلزم وقعها المجتمع المدني، ظلت ادوار المجتمع المدني «تواجه مجموعة من الاختلالات والمتصلة أساسا بغياب رؤية واضحة أحيانا وبضبابيتها أحيانا أخرى لدى أغلب الجمعيات في غياب بناء مؤسساتي يقوم على تحديد دقيق للأهداف والغايات، ورسم الرؤية الإستراتيجية والرسالة، مما يحدد معها ماهية المشروع الجمعوي الذي تحمله الجمعية كإجابة عن الاختلالات التي جاءت لمعالجتها في المجال والميدان الذي تشتغل فيهما». وبفعل بعض الإكراهات باتت عدة أسئلة تطرح. ولإثراء النقاش، وفي إطار تنزيل برنامج ارتقاء لتأهيل الجمعيات موضوع اتفاقية شراكة بين وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية واللجنة الإقليمية للتنمية البشرية بالرشيدية ووكالة التنمية الاجتماعية البرنامج الذي أتى من «أجل المساهمة في الارتقاء بالعمل الجمعوي إلى مستوى العمل المؤسساتي» أنى اليوم الدراسي المذكور، وتحت شعار «التنمية المحلية رهان جماعي» والذي أريد له أن تحضره 120 مشاركا حضرت منهم 75 شخصا منهم امرأةٌ، لكن الانساحابات حاصلة. وأما الأفكار المستخلصة من الحوار فهي مسطرة كالتالي:
- غياب المنتخبين في اللقاء.
- مجموعة من المداخلات تسطر على الإكراهات التي تعيق عمل المجتمع المدني.
- ضعف الانسجام والتصور لدى المجتمع المدني، ولم يجمعها مشروع اجتماعي.
- وجوب تأهيل الجمعيات لتكسب رؤية وتصورا وتنشئ مشروعا اجتماعيا.
- تأثير المنعطفات التاريخية على آداء الجمعيات مما انجر عنه تشابه في الآداء.
- درء الميز تجاه الأشخاص المعاقين.
- اعتماد المقاربة التشاركية وجوبا في كل عمل تنموي.
- لوحظ أن الجمعيات ترسم أهدافا كثيرة ولا تتقطع لمعالجة هدف واحد.
- عدم تقدير المنح المسلمة للجمعيات على أساس الآداء.
- تأهيل المجتمع المدني ليرقى إلى إعمال المقاربة الترافعية.
- انسحاب بعض الشركاء من اللقاء أثناء النقاش.
- توزيع مواضيع المداخلات، في اللقاء الدراسي، مهم للغاية
- تراجع آداء المؤسسات واعتمادها على المجتمع المدني.
- لإنجاح المشروع الجمعوي حسن ترسيخ الثقافة التشاركية.
- غياب الجماعات الترابية في مشاريع الجمعية.
- تغييب المشاركة الاجتماعية في المشاريع.
- الدولة مستشعرة للمجتمع المدني.
- ديمومة الجمعيات قائمة على مشاريع تنموية.
- وجوب التفاعل مع السيرورة التاريخية التي أفرزت المبادرة الوطنية للتنمية الجماعية.
- الرقي بالعمل الجمعوي من التطوعية إلى المهنية.
- الفاعل الجمعوي نواة في المجتمع.
- ارتباط المشروع التنموي بإستراتيجية التنمية بالجماعة الترابية.
- تعدد الجمعيات في وسط قروي واحد.
- درء التسول وحضر إنتاج أجيال متسولة.
- تنشيط النقاش حول العدالة الجبائية في فرنسا.
- وجوب نقاش المفاهيم والمعارف.
- تكامل السياسي والمدني ما دام الهدف تحسين الوضع في مجال التدخل
- وجوب إنتاج الحرفية بعيد التطوع
- الميثاق الجماعي يجبر الجماعة على إنشاء مخطط تنموي
- فرق بين المشروع الجمعوي والمشروع التنموي
- التكوين القانوني تحصين للفاعل المدني.
جرى، في الأخير، تسجيل 17 مداخلة لكن متدخلين انسحبا، وأعطيت الكلمة الأخيرة للأستاذ حميد نواري لتنوير الحاضرين حول البرنامج وأفصح أن البرنامج يروم تأهيل الجمعيات. وذكر المقابلات التي أجريت مع الجمعيات ومع المؤسسات العمومية للوقوف عند أسلوب الاشتغال والرؤية أجرت الوكالة ورشة الإرجاع لإنشاء تمثل متجانس وأخيرا «بلغنا مرحلة تنزيل البرنامج وسيضمن التنزيل المواكبة»